للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الجواب عما ورد في القرآن من الجمع بين فعل الله ورسوله بالواو]

قد يقول قائل: إنه جاء في القرآن ما يدل على جواز مثل هذا، أي: جواز العطف بالواو، مثل قوله جل وعلا: {لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} [الأحزاب:٣٧]، فعطف بالواو على ما فعله الله جل وعلا يقصد به الرسول، وكذلك قوله جل وعلا: {أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} [التوبة:٧٤]، فعطف الرسول على الله، وقد يحتج محتج بمثل هذا، ويقول: هذا يدل على الجواز.

فالجواب عن هذا: أن يقال: كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم لا يتضاربان ولا يتعارضان بل كلاهما حق وكلاهما يدل على التوحيد، ولا يمكن أن أحدهما يدل على خلاف التوحيد.

أما الجواب المفصل فنقول: هذا من الله، والله جل وعلا يقول ما يشاء ويفعل ما يشاء، وقد أخبرنا جل وعلا أنه يقسم بما يشاء من مخلوقاته، أما نحن فممنوعون من مثل هذا، فيكون هذا مثل القسم الذي أقسم الله جل وعلا به في قوله جل وعلا: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا * وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا} [الشمس:١ - ٣] إلى آخر الأقسام الكثيرة التي تقسم بالمخلوقات والتي تدل على عظمتها، وأنها آية من آيات الله.

الجواب الثاني: أن يوجد فرق بين ما في هذه الآيتين، وما في الحديث، فالحديث فيه: أن الفعل واحد (ما شاء الله وشئت)، أما هذه فأفعال مختلفة؛ وفعل الله غير فعل رسوله؛ فالله أغناهم من فضله ورسوله صلى الله عليه وسلم أغناهم بفعله حقيقة، ولكنه داخل تحت قدرته، وهو من نعم الله جل وعلا، وكذلك بالنسبة إلى زيد فالله أنعم عليه بالإسلام والهداية، والرسول صلى الله عليه وسلم أنعم عليه بأن أعتقه، فالفعل هنا متغاير وليس مثل ما في الحديث.