للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شرط رجحان كلمة التوحيد بجميع المخلوقات]

[المسألة التاسعة: التنبه برجحانها لجميع المخلوقات مع أن كثيراً ممن يقولها يخف ميزانه].

يعني أنها ترجح بجميع المخلوقات على الإطلاق، كما في هذا الحديث الذي ذكرناه: (لو أن السماوات السبع وعامرهن غيري والأرضين السبع وضعت في كفة و (لا إله إلا الله) في كفة مالت بهن (لا إله إلا الله))، وهل هذا يكون لكل أحد؟ أبداً.

بل يكون للخواص من خلق الله الذين اصطفاهم الله جل وعلا، والذين أتوا الله بقلب سليم، أما أكثر الخلق فهم يقولون: (لا إله إلا الله) ويدخلون النار، ويخف ميزانهم؛ لأنهم لم يحققونها ولم يعرفوا معناها ولم يعملوا بمقتضاها، فهذا بين واضح، وقد جاءت الأحاديث متواترة أن كثيراً ممن يصلي ويصوم ويزكي يدخل النار ثم يخرج منها، وهؤلاء ليسوا مشركين؛ لأن المشرك محرمة عليه الجنة، وإنما توحيدهم ناقص، وذنوبهم رجحت بحسناتهم، ومن أعظم حسناتهم قول (لا إله إلا الله)، فلم تكن عندهم ترجح بالسيئات، بل السيئات رجحت بها، فهذا كله يدلنا على أن رجحان (لا إله إلا الله) ليس لكل أحد، بل للخواص، بل لمن يقولها مخلصاً وصادقاً وموقناً ومستسلماً لله وقابلاً للحق ومعرضاً عن كل ما سواه، ثم لا يلتفت عن هذا، فيبقى متمسكاً بهذا المنهج إلى أن يموت، فهذا هو الذي إذا قالها بهذه الصفة تكون راجحة على جميع المخلوقات، فلو أتى بملء الأرض خطايا رجحت بهن (لا إله إلا الله) إذا كان قالها على هذه الصفة.

وقد يقال: كيف يأتي بملء الأرض خطايا وهذه الكلمة إذا قالها لا يصمد لها شيء؟ والجواب أنه إذا قدر أنه عمل الخطايا ثم أقبل على الله صادقاً وتائباً وقال هذه الكلمة فإنه يكون بهذا المنزلة.