للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الدهرية وإضافتهم الخير والشر للدهر]

قال الشارح رحمه الله تعالى: [قال العماد ابن كثير في تفسيره: يخبر تعالى عن دهرية الكفار ومن وافقهم من مشركي العرب من إنكار المعاد: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا} [الجاثية:٢٤] ما ثمَّ إلا هذه الدار، يموت قوم، ويعيشون آخرون، وما ثم معاد ولا قيامة.

وهذا يقوله مشركو العرب المنكرون للمعاد، ويقوله الفلاسفة الإلهيون منهم، وهم ينكرون البداءة والرجعة، وتقوله الفلاسفة الدهرية الدورية المنكرون للصانع المعتقدون أن في كل ستة وثلاثين ألف سنة يعود كل شيء إلى ما كان عليه، وزعموا أن هذا قد تكرر مرات لا تتناهى فكابروا المعقول، وكذبوا المنقول، ولهذا قالوا: {وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} [الجاثية:٢٤] قال الله تعالى: {وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} [الجاثية:٢٤] أي: يتوهمون ويتخيلون].

الظن يأتي بمعنى: العلم، ويأتي بمعنى: التردد بين شيئين، ويأتي بمعنى: الوهم الذي لا حقيقة له.

أما إتيانه بمعنى العلم اليقيني كقوله جل وعلا: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة:٤٦] فهنا يظنون بمعنى: يوقنون ويعلمون.

وأما إتيانه بمعنى التردد بين شيئين ويكون أحدهما أرجح من الآخر فهذا كثير في كلام الناس، وكذلك في اللغة، فإذا أخبر الإنسان بخبر وعنده أحد الطرفين أرجح فيقول: أظن الأمر كذا.

وأما الظن بمعنى الوهم فهو مثل ما ذكر عن هؤلاء، فهو ظن بمعنى الوهم، وهذا هو الذي لا يغني من الحق شيئاً.

ذكر الله جل وعلا أنه وهم وأنه ليس فيه شيء من العلم والحق.