للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عقوبة من تسمى بقاضي القضاة وملك الملوك ونحوه]

قال الشارح رحمه الله تعالى: [ذكر المصنف رحمه الله هذه الترجمة إشارة إلى النهي عن التسمي بقاضي القضاة قياساً على ما في حديث الباب، لكونه شبهة في المعنى فينهى عنه.

قال المصنف رحمه الله: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن أخنع اسم عند الله رجل تسمى ملك الأملاك، لا مالك إلا الله).

قال سفيان: مثل: (شاهان شاه).

وفي رواية: (أغيظ رجل على الله يوم القيامة وأخبثه).

قوله: (أخنع) يعني: أوضع].

قوله: (أغيظ) يعني: أن من فعل هذا الفعل فإن الله يغاظ عليه أي: يغضب عليه غضباً شديداً، ومن غضب الله عليه عذبه؛ وذلك لأنه نازع الله جل وعلا بهذا التسمي، ونازعه فيما هو من خصائصه، ومن أظلم الظلم منازعة الله جل وعلا في خصيصة من خصائصه.

قال الشارح رحمه الله تعالى: [لأن هذا اللفظ إنما يصدق على الله تعالى؛ فهو ملك الأملاك لا ملك أعظم ولا أكبر منه، مالك الملك ذو الجلال والإكرام، وكل ملك يؤتيه الله من يشاء من عباده فهو عارية يسرع ردها إلى المعير، وهو الله تعالى، ينزع المَلِكَ من ملكه تارة وينزع المُلْكَ منه تارة، فيصير لا حقيقة له سوى اسم زال مسماه، وأما رب العالمين فملكه دائم كامل لا انتهاء له، بيده القسط يخفضه ويرفعه، ويحفظ على عباده أعمالهم بعلمه سبحانه وتعالى، وما تكتبه الحفظة عليهم، فيجازي كل عامل بعمله إن خيراً فخير وإن شراً فشر، كما ورد في الحديث: (اللهم لك الحمد كله، ولك الملك كله، وبيدك الخير كله، وإليك يرجع الأمر كله، أسألك من الخير كله وأعوذ بك من الشر كله).

قوله: قال سفيان -يعني: ابن عيينة -: مثل شاهان شاه، عند العجم عبارة عن ملك الأملاك، ولهذا مثل به سفيان لأنه عبارة عنه بلغة العجم.

قوله: (أغيظ): من الغيظ، وهو مثل الغضب والبغض، فيكون بغيضاً إلى الله مغضوباً عليه.

والله أعلم].

وهذا يدل على أن الله يوصف بأنه يغيظ على بعض من يشاء، وأنه يوصف بالغيظ على بعض من يشاء من عباده، كما يوصف بأنه يبغض بعض خلقه، كما أنه يحب بعض خلقه، وكذلك يغضب على بعض خلقه، وهذه أوصاف تخص الله جل وعلا ولا يشابه المخلوق في وصفه؛ فصفة المخلوق تليق به، أما صفة الله فهي تخصه، وإن اشتركت صفة المخلوق وصفة الخالق جل وعلا في الاسم أو في المعنى العام قبل الإضافة والتخصيص فهذا لا يقتضي تشبيهاً، ولا يقتضي مساواة، فالله له ما يخصه والمخلوق له ما يخصه.