للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نسب عبد المطلب وسبب تسميته بذلك]

قال الشارح رحمه الله تعالى: [ابن حزم هو عالم الأندلس أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم القرطبي الظاهري، صاحب التصانيف، توفي سنة ست وخمسين وأربعمائة، وله اثنتان وسبعون سنة.

وعبد المطلب هذا هو جد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ابن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، ولا ريب أنهم من ذرية إسماعيل بن إبراهيم].

ونسبه إلى عدنان متفق عليه بين أهل النسب ولا خلاف فيه، ولكن منه إلى إسماعيل لا يعلمه إلا الله، ويقيناً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو ابن إسماعيل بن إبراهيم الخليل، وكذلك قريش، وأكثر العرب هم بنو إسماعيل؛ لأن العرب ينقسمون إلى قسمين: عرب أصلهم يعرب بن قحطان بن هود من ذرية هود عليه السلام، وهود عربي، وأنبياء الله أكثرهم عجم غير عرب، والعرب منهم أربعة فقط، وقد جاء هذا في حديث فيه ضعف، ولكن هذا الأمر مشهور.

قال الشارح رحمه الله تعالى: [حكى رحمه الله اتفاق العلماء على تحريم كل ما عبد لغير الله تعالى؛ لأنه شرك في الربوبية والألوهية؛ لأن الخلق كلهم ملك لله، وعبيد له، استعبدهم لعبادته وحده وتوحيده في ربوبيته وإلهيته، فمنهم من عبد الله ووحده في ربوبيته وإلهيته، ومنهم من أشرك به في إلهيته، وأقر له بربوبيته وأسمائه وصفاته، وأحكامه القدرية جارية عليهم ولابد، كما قال تعالى: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا} [مريم:٩٣] فهذه هي العبودية العامة.

وأما العبودية الخاصة فإنها تختص بأهل الإخلاص والطاعة، كما قال تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر:٣٦] ونحوها.

قوله: (حاشا عبد المطلب) هذا استثناء من العموم المستفاد من (كل)، وذلك أن تسميته بهذا الاسم لا محذور فيها؛ لأن أصله من عبودية الرق، وذلك أن المطلب أخا هاشم قدم المدينة، وكان ابن أخيه شيبة هذا قد نشأ في أخواله بني النجار من الخزرج؛ لأن هاشماً تزوج فيهم امرأة فجاءت منه بهذا الابن، فلما شب في أخواله وبلغ سن التمييز سافر به عمه المطلب إلى مكة بلد أبيه وعشيرته، فقدم به مكة وهو رديفه، فرآه أهل مكة وقد تغير لونه بالسفر فحسبوه عبداً للمطلب، فقالوا: هذا عبد المطلب، فعلق به هذا الاسم وركبه، فصار لا يذكر ولا يدعى إلا به، فلم يبق للأصل معنى مقصود، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أنا ابن عبد المطلب)، وقد صار معظماً في قريش والعرب، فهو سيد قريش وأشرفهم في الجاهلية، وهو الذي حفر زمزم، وصارت له السقاية ولذريته من بعده.

وعبد الله والد رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد بني عبد المطلب، وتوفي في حياة أبيه.

قال الحافظ صلاح الدين العلائي في كتابه (الدرة السنية في مولد خير البرية): كان سن أبيه عبد الله حين حملت أمه آمنة برسول الله صلى الله عليه وسلم نحو ثمانية عشر عاماً، ثم ذهب إلى المدينة ليمتار منها تمراً لأهله، فمات بها عند أخواله بني عدي بن النجار، والنبي صلى الله عليه وسلم حمل على الصحيح.

انتهى.

قلت: وصار النبي صلى الله عليه وسلم لما وضعته أمه في كفالة جده عبد المطلب.

قال الحافظ الذهبي: وتوفي أبوه عبد الله وللنبي صلى الله عليه وسلم ثمانية وعشرون شهراً، وقيل: أقل من ذلك، وقيل: وهو حمل، توفي بالمدينة، وكان قد قدمها ليمتار تمراً، وقيل: بل مر بها راجعاً من الشام، وعاش خمساً وعشرين سنة، قال الواقدي: وذلك أثبت الأقاويل في سنة وفاته.

وتوفيت أمه آمنة بالأبواء وهي راجعة به صلى الله عليه وسلم إلى مكة من زيارة أخوال أبيه بني عدي بن النجار، وهو يومئذ ابن ست سنين ومائة يوم، وقيل: ابن أربع سنين، فلما ماتت أمه حملته أم أيمن مولاته إلى جده، فكان في كفالته إلى أن توفي جده وللنبي صلى الله عليه وسلم ثمان سنين، فأوصى به إلى عمه أبي طالب.

انتهى].