للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الشرك في الأسماء والصفات]

أما القسم الأول: فالشرك بها، وهو داخل في جميع ما ذكر؛ لأن المشرك معطل ولابد، وكل مشرك معطل وليس كل معطل مشرك، فالشرك في أسماء الله وصفاته: أن يجعل -مثلاً- صفات وأسماء الرب جل وعلا تدل على ما دل عليه اسم مخلوق، مثل أن يقول: إننا لا نفهم من يد الله جل وعلا إلا الجارحة المعروفة لنا، أو يقول مثلاً: لا نفهم من كون الإنسان الذي قال: الله جل وعلا يتكلم إلا أن يكون ذلك صادراً عن فم وعن لسان وعن شفتين وحنجرة وأحبال صوتية وهكذا.

وهذا تشبيه.

وكذلك الصوت فيجب أن يثبت لله في هذا على وجه التوحيد.

يعني: خاصاً به، ولهذا جاء في الحديث: (إن الله ينادي بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب) وهذا لا يكون في الخلق، وإنما هو خاص بصوت الله، وكذلك جاء: (أن الملائكة إذا سمعوا صوت الله صعقوا وأصابهم الغشي وذهبت عقولهم وسقطوا) وهذا خاص بصفة الله جل وعلا، وليس معنى ذلك أنه يكون عظيماً؛ لأن الإنسان مثلاً لو سمع صوتاً عظيماً -يعني: فوق طاقته- يصعق، وقد ذكر الله جل وعلا عن قوم ثمود لما أخذتهم الصاعقة -الصاعقة هي الصيحة- التي ذكرت في بعض الآيات.

ويقول المفسرون: إن جبريل عليه السلام صاح فيهم صيحة بصوته فتقطعت قلوبهم في أجوافهم فسقطوا؛ لأن الإنسان ضعيف.

وصوت جبريل مزعج وعظيم لا يتحمله الإنسان، ولكن ليس هذا هو المقصود في حق صوت الله جل وعلا، فصوته تعالى هو صوت يخاطب به ملائكته ومع ذلك يصعقون، فالمقصود أن قوله جل وعلا: {فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا} [البقرة:٢٢] يكون هذا في حقه ويكون في وصفه وأسمائه، ويكون أيضاً في أفعاله، فلا يجوز أن تكون أفعاله كأفعال المخلوقين، كما أن أسماءه وصفاته لا تجوز أن تكون كأسماء المخلوقين وكذلك حقه الذي أوجبه على خلقه، وكذلك ذاته المقدسة تعالى وتقدس، وهذا أمر متفق عليه أما بالنسبة للذات، فلا أحد ينازع فيها، ومعلوم أن الأسماء والأفعال والصفات تكون خاضعة للذات؛ ولكنهم يتناقضون.