للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقسام ما يجري صفة أو خبراً على الرب سبحانه وتعالى

قال الشارح رحمه الله: [وقال العلامة أيضاً: فائدة جليلة: ما يجري صفة أو خبراً على الرب تبارك وتعالى أقسام: أحدها: ما يرجع إلى نفس الذات كقولك: ذات وموجود.

الثاني: ما يرجع إلى صفاته ونعوته: كالعليم، والقدير، والسميع، والبصير.

الثالث: ما يرجع إلى أفعاله: كالخالق، والرازق.

الرابع: التنزيه المحض، ولابد من تضمنه ثبوتاً، إذ لا كمال في العدم المحض: كالقدوس، والسلام.

الخامس -ولم يذكره أكثر الناس-: وهو الاسم الدال على جملة أوصاف عديدة، لا تختص بصفة معينة، بل دال على معان نحو: المجيد، العظيم، الصمد؛ فإن المجيد من اتصف بصفات متعددة من صفات الكمال، ولفظه يدل على هذا، فإنه موضوع للسعة والزيادة والكثرة، فمنه استمجد المرخ والعفار، وأمجد الناقة: علفها، ومنه: {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ} [البروج:١٥]، صفة للعرش لسعته وعظمته وشرفه.

وتأمل كيف جاء هذا الاسم مقترناً بطلب الصلاة من الله على رسوله، كما علمناه صلى الله عليه وسلم؛ لأنه في مقام طلب المزيد، والتعرض لسعة العطاء، وكثرته ودوامه، فأتى في هذا المطلوب باسم يقتضيه، كما تقول: اغفر لي وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم، فهو راجع إلى التوسل إليه بأسمائه وصفاته، وهو من أقرب الوسائل وأحبها إليه، ومنه الحديث الذي في الترمذي: (ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام)، ومنه: (اللهم إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت المنان، بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام!)، فهذا سؤال له وتوسل إليه بحمده، وأنه لا إله إلا هو المنان، فهو توسل إليه بأسمائه وصفاته، وما أحق ذلك بالإجابة، وأعظمه موقعاً عند المسئول، وهذا باب عظيم من أبواب التوحيد.

السادس: صفة تحصل من اقتران أحد الاسمين والوصفين بالآخر، وذلك قدر زائد على مفرديهما، نحو: الغني الحميد، الغفور القدير، الحميد المجيد.

وهكذا عامة الصفات المقترنة والأسماء المزدوجة في القرآن، فإن الغنى صفة كمال، والحمد كذلك، واجتماع الغنى مع الحمد كمال آخر، فله ثناء من غناه، وثناء من حمده، وثناء من اجتماعهما، وكذلك الغفور القدير، والحميد المجيد، والعزيز الحكيم، فتأمله فإنه أشرف المعارف].

أولاً: علمنا أن الله جل وعلا سمى نفسه بأسماء موجودة في كتابه جل وعلا، وسماه بها رسوله صلى الله عليه وسلم، قد يوجد في الأسماء التي جاءت عن الرسول صلى الله عليه وسلم ما ليس في الكتاب، وكذلك الصفات؛ لأن الأصل في الاسم هو الصفة، فالله أمرنا أن ندعوه بأسمائه وصفاته: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف:١٨٠]، فالدعوة في الواقع هي: العبادة، بل هي مخ العبادة، كما جاء في الحديث وعرفنا أن معنى الدعاء بالأسماء: أننا نتوسل إليه بأسمائه فنقول: يا غفور! يا رحيم! اغفر لنا وارحمنا، يا تواب! يا كريم! تب علينا، وهكذا.

وكذلك في الأعمال التي نزاولها، نبدؤها بذكر اسم الله جل وعلا، ويكون ذلك طلباً للاستعانة به وطلباً للبركة، ويكون هذا من باب العبادة، ومن باب الدعاء بأسمائه جل وعلا.

وكذلك قال الله جل وعلا: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الأعراف:١٨٠]، وهنا بين أن أسماءه حسنى، وعرفنا أن الحسنى: التي لا يلحقها نقص ولا عيب، وتكون كاملة في معانيها، وفيما دلت عليه.

وحذر من الإلحاد في أسمائه وتوعد الملحدين بقوله: {وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} [الأعراف:١٨٠].