للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[جواز السلام على النبي في التحيات بكاف الخطاب]

ثم قال: قولوا: (السلام عليك أيها النبي!) هكذا علمهم، والخطاب يبقى على ما هو عليه: (السلام عليك) فالذي يسلم يستشعر في ذهنه أنه يخاطب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو كان غائباً فيقول: (السلام عليك أيها النبي!)، وليس معنى ذلك أنه يستحضره في ذهنه، ولكن يستشعر خطابه تعظيماً لذلك، وهذا الأسلوب كان معروفاً عند العرب، فإنهم يستشعرون الحبيب أو المعظم فيخاطبونه وإن كان ميتاً أو غائباً، كما هو معروف في أشعارهم.

وكان صلى الله عليه وسلم يقول في تشهده كما رواه الطحاوي في مشكل الآثار: (السلام عليك أيها النبي!).

أما ما قاله بعض العلماء من الصحابة وغيرهم: أن هذا كان في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما توفاه الله جل وعلا صاروا يقولون: (السلام على النبي ورحمة الله وبركاته)، فنقول: ما دام أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول ذلك بنفسه وعلمه الصحابة، فإنه يبقى كما كان يقول ذلك.

وليس في هذا دعوة له ومخاطبة له، كما يقول الذين يحبون أو يميلون إلى عبادته ويقولون: إن هذا دليل على أنه يدعى ويخاطب ويقال له: (السلام عليك)؛ لأن هذه كاف الخطاب، والخطاب لا يكون إلا للحاضر ولا يكون للغائب، لكن يقال: إن هذا ليس كذلك، فالرسول صلى الله عليه وسلم جاء بتعليم الإخلاص لله جل وعلا، وفي هذا التشهد علمنا كيف نخلص لربنا جل وعلا الدعاء، فكيف يكون فيه تناقض؟ هذا لا يمكن، وإنما ذلك يبقى على صفة التعليم الذي علمه الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه، فيبقى كما هو.