للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الآيات الحاثة على الإنفاق]

قال الشارح رحمه الله: [وقال تعالى: {وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} [الحديد:٧]، وذلك الإنفاق من خصال البر المذكورة في قوله تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ} [البقرة:١٧٧].

فذكره بعد ذكر أصول الإيمان، وقبل ذكر الصلاة، ذلك -والله أعلم- لتعدي نفعه، وذكره تعالى في الأعمال التي أمر بها عباده وتعبدهم بها، ووعدهم عليها الأجر العظيم، قال تعالى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ} [الأحزاب:٣٥]].

ذكر في هذه الآية والآية التي قبلها فضل التصدق وإنفاق المال، ومعنى إيتاء المال على حبه ذوي القربى: كون الإنسان يحب المال ويؤتيه، وهو يحبه ويطمع في البقاء، ويحتاج إليه، فهذا من البر، ويدخل فيه الواجب والمندوب، يعني: الصدقة التي هي فرض مثل الزكاة داخلة فيه من باب أولى، وكذلك الصدقات التي هي تطوع داخلة فيه، وخص هذا بأنه إيتاء المال لمستحقيه، وبدأ بذي القربى وهذا يدل على أن النفقة والصدقة على القريب مثل الأخ وابن الأخ وما أشبه ذلك أفضل من الصدقة على البعيد، لأن الصدقة على القريب كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (صدقة وصلة).

وكذلك مدح في الآية الثانية المتصدقين والمتصدقات، وهذا يدل على أنه حتى النساء يتصدقن ولو كان ذلك من بيت الزوج بالمعروف الذي يتعارف عليه، ويأذن فيه ولا يضره، أو من الشيء الذي يخصها؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمرهن بالصدقة وقال: (تصدقن ولو من حليكن)، وكلمة (ولو) تدل على أن هذا الشيء ليس واجباً وإنما هو تطوع يتطوعن به.

قال الشارح رحمه الله: [وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحث أصحابه على الصدقة حتى النساء؛ نصحاً للأمة؛ وحثاً لهم على ما ينفعهم عاجلاً وآجلاً].

قوله: (حتى النساء) لأن المعروف في الشرع أن النساء لسن أهل مال واكتساب وعمل، وإنما هن مقصورات في البيوت، ومكفيات النفقة وما يلزمهن، هذا معنى قوله: حتى النساء.