للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المقصود بقوله: (لا رقية إلا من عين أو حمة)]

الحديث الذي ذكره حصين بن عبد الرحمن عن بريدة أنه قال: (لا رقية إلا من عين أو حمة) فالعين المقصود بها إصابة الإنسان الحاسد غيره بعينه وهي حق، فالعين حق كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، والرقية منها نافعة، والحمة معناها: ذوات الحموم.

أي: ذوات الإبر التي تضرب بإبرتها، كالعقرب ونحوها مما يحدث بسبب ذلك حمى وألم ومرض وشدة، فالرقية من هذا نافعة جداً، سواءٌ أكانت عقرباً أم حية أم غيرها، ولكن ليس كل راق تنفع رقيته؛ لأنها تتوقف على الإيمان، وعلى قوة النفس والتوكل على الله، وتصديق خبر الله وخبر رسوله صلى الله عليه وسلم واليقين بذلك، أما إذا كان الإنسان متردداً أو شاكاً يقول: تنفع أو لا تنفع فغالباً لا تنفع، فإذا كان متردداً وشاكاً وليس عنده جزم فرقيته لا تنفع، ولهذا تفاوت الناس في الرقية من هذا القبيل تفاوتاً عظيماً، فمنهم من يشفى بمجرد رقية شفاءً عاجلاً، كما ثبت في الصحيح عن أبي سعيد الخدري في قصة اللديغ.

وأما قوله: (لا رقية إلا من عين أو حمة) فمعنى ذلك أنه لا رقية شافية ومجدية ونافعة أكثر منها في العين والحمة، وإلا فالرقية تنفع من جميع الأمراض، ولكن نفعها من هذين المرضين -العين والحمة- أنفع وأكثر من غيرهما، وذلك لأن هذه الأمور غالباً تحدث بواسطة النفوس الشريرة، سواءٌ من الإنس أم من الجن؛ لأن الجن يشتركون مع الإنس، ويشتركون مع الدواب الخبيثة كالحية والعقرب، فإذا جاء الإيمان من نفس خيرة متأثرة بآيات الله وبالطمأنينة به فإنها تكون مضادة لهذه النفوس الخبيثة، فيحصل الشفاء بإذن الله، وكل شيء بأمر الله جل وعلا، والإنسان ليس عنده شيء، والأمر كله يعود إلى الله، ولكن للتفاوت بين الناس في قوة الإيمان والثقة بالله يحصل ذلك.