للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الكلام على حديث: (ثلاثة لا يكلمهم الله)]

قال الشارح رحمه الله: [قوله: (ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم) لما عظم ذنبهم عظمت عقوبتهم، فعوقبوا بهذه الثلاث التي هي أعظم العقوبات] وقد تقدم ذكر هؤلاء الثلاثة وهم: رجل جعل الله بضاعته، لا يشتري ولا يبيع إلا بالحلف، والله لا أبيعه إلا بكذا، والله لا أشتري إلا بكذا والله إني اشتريته بكذا ولا أبيعه إلا بكذا وما أشبه ذلك، فجعل الله بضاعته.

الثاني: أشيمط زان، والأشيمط هو: من اختلط بياض شعره بسواده، يعني: أنه كبر وليس عنده قوة الشباب التي قد تدعوه إلى فعل الفاحشة والباطل، وقد تعمي بصيرته، فيعمى حتى يقع في المنكر، فإذا وقع في المنكر أفاق، أما هذا الأشيمط الزاني فإن فعله يدل على أن حب الزنا متأصل في نفسه فاستحق هذا العقاب.

الثالث: عائل مستكبر، والعائل: هو الفقير؛ ومن المعروف أن الذي يدعو إلى الكبر هو الغنى وتبوء المناصب العالية، كما قال الله جل وعلا: {كَلَّا إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} [العلق:٦ - ٧] أما الفقير فلا يوجد عنده شيء يدعوه إلى الكبر، فإذا تكبر دل هذا على أن الكبر أصيل في نفسه، فاستحق هذا العقاب.

هؤلاء هم الثلاثة: رجل كبير اختلط شيبه بسواده، فأقدم على جريمة الزنا، وآخر صارت الدنيا هي المقدمة عنده، فأصبح لا يبالي بالحلف بالله، وليس لله عنده وقار، فلا يعظمه ولا يوقره، فيحلف على أمر تافه من أمور الدنيا، حتى يتحصل له عشرة ريالات أو خمسة أو أكثر أو أقل، ولا يبالي، والثالث: فقير متكبر.