للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تربية السلف لأبنائهم على تعظيم شعائر الدين]

قال المصنف رحمه الله: [وقال إبراهيم: كانوا يضربوننا على الشهادة والعهد، ونحن صغار].

إبراهيم هو إبراهيم النخعي وهو من التابعين، يعني: في القرن الثاني الذي يلي قرن الصحابة، فكانوا في هذا القرن يضربون الصبيان إذا شهد أحدهم بالشهادة التي ليست على الوجه المطلوب، ومعلوم أن الصبي غير مكلف، ولكن يؤدبونهم ويدربونهم على الحق من الصغر، حتى يخرجوا وقد رسخ في قلوبهم بغض الباطل وكراهيته، وحب الحق وإيثاره، هذا المقصود وهو مأخوذ من قول النبي صلى الله عليه وسلم: (مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع) وأجمع العلماء على أن ابن عشر لا تجب عليه الصلاة، ومع ذلك أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يضرب عليها إذا تركها، فالأدب هو الذي يجعله يلتزم، أما الأمر والتدريب فيبدأ بابن سبع، تأمره وتدربه على الصلاة حتى تغرس حبها في قلبه، فيصير آلفاً لها، بخلاف ما إذا ترك يسرح ويمرح كيف يشاء، فإنه إذا بلغ وهو متروك عن التأديب بالصلاة وتعليمه عليها يصعب عليه الالتزام بعد ذلك.

وكذلك هنا: يؤدبونهم من الصغر على حب الخير، وكراهية المكروه، والابتعاد عنه، وهذا واجب ولي الأمر لمن تحت يده، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، فالرجل راع في بيته ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيتها ومسئولة عن رعيتها، والإمام راع ومسئول عن رعيته) كل إنسان له مسئولية يسأل عنها يوم القيامة، فيجب أن يقوم بها حسب الأمر الشرعي، فالقرون المفضلة كانوا يهتمون بهذا الأمر كثيراً، فكانوا يضربون الصبيان على العهد أو الشهادة التي لا يكون لها أثر، إذ إن شهادة الصبي وحلفه ليس له أثر وغير مؤاخذ بها، ومع ذلك يؤدبونهم على هذا الشيء، حتى يشبوا وهم يألفون الحق ويبتعدون عن الباطل.