للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم التمثيل بالقتلى]

قال الشارح رحمه الله: [قوله: (عن بريدة هو ابن الحصيب الأسلمي، وهذا الحديث من رواية ابنه سليمان عنه.

قاله في المفهم.

قوله: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمّر أميراً على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله تعالى) فيه من الفقه تأمير الأمراء ووصيتهم.

قال الحربي: السرية: الخيل تبلغ أربعمائة ونحوها، والجيش ما كان أكثر من ذلك.

وتقوى الله: التحرز بطاعته من عقوبته.

قلت: وذلك بالعمل بما أمر الله به والانتهاء عما نهى عنه.

قوله: (ومن معه من المسلمين خيراً) أي: ووصاه بمن معه أن يفعل معهم خيراً: من الرفق بهم، والإحسان إليهم، وخفض الجناح لهم، وترك التعاظم عليهم.

وقوله: (اغزوا باسم الله) أي: اشرعوا في فعل الغزو مستعينين بالله مخلصين له.

قلت: فتكون الباء في (باسم الله) هنا للاستعانة والتوكل على الله.

وقوله: (قاتلوا من كفر بالله) هذا العموم يشمل جميع أهل الكفر، المحاربين وغيرهم، وقد خصص منهم من له عهد والرهبان والنسوان، ومن لم يبلغ الحلم، وقد قال متصلاً به: (ولا تقتلوا وليداً) وإنما نهى عن قتل الرهبان والنسوان؛ لأنه لا يكون منهم قتال غالباً، وإن كان منهم قتال أو تدبير قُتلوا.

قلت: وكذلك الذراري والأولاد.

قوله: (لا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا) الغلول: الأخذ من الغنيمة من غير قسمتها.

والغدر: نقض العهد، والتمثيل هنا: التشويه بالقتيل، كقطع أنفه وأذنه والعبث به، ولا خلاف في تحريم الغلول والغدر، وفي كراهية المثلة.

وقوله: (وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خلال أو خصال) الرواية بالشك، وهو من بعض الرواة، ومعنى الخلال والخصال واحد].

الصواب: أن المثلة محرمة؛ لأن النصوص صريحة في ذلك، ولا يصرف معنى التحريم إلى الكراهة شيء، إلا أن بعض العلماء رخص في المثلة بقتلاهم إذا مثلوا بقتلانا، ولكن هذا غير صحيح؛ لأن الحديث يقول: (ولا تخن من خانك) ومن عصى الله فيك فلا تعص الله فيه، والمسلم يجب أن يلتزم بحكم الله، ولا يتعداه لكون الكفار تعدوا حكم الله.

فالصواب: أن التمثيل محرم للنصوص الناهية عنه، وفي هذا النص لم يفرق بين التمثيل والغلول والغدر، بل جعله معها.