للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[على الإنسان ألا يرضى بالمدح]

[الثانية: ما ينبغي أن يقول من قيل له: أنت سيدنا].

أي: لا ينبغي للإنسان أن يعظم نفسه، ولا أن يسترسل مع هوى نفسه ومع المادح الذي يمدحه، وإنما ينبغي له أن يتواضع لله، وأن يخاف أن يزيغ قلبه، وألا يسكت إذا أثني عليه ولا يسترسل مع ذلك؛ لأن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، وإذا تعدى الإنسان طور العبودية فإنه يخشى عليه أن يضل ويزيغ، فينبغي أن يكون الإنسان حذراً، وعادة أهل التقى أنهم يعودون على أنفسهم باللوم والازدراء من غير أن يقصروا، وإنما يرون أنفسهم أنهم ما قاموا بالواجب عليهم لله جل وعلا، فيزدرون أعمالهم ويتواضعون لله جل وعلا، أما إذا كان تصور الإنسان أنه فوق الناس، وأنه عظيم؛ فإن الشيطان يتخذه ولياً له -نسأل الله العافية- ويغره، والعجب بالعمل أو بالنفس طريق لإبطال العمل وإفساده والخروج عن العبودية لله جل وعلا، فإذا قوبل الإنسان بالمدح والثناء فينبغي أن ينهى المادح عن ذلك، ويقول: أنا أعلم بنفسي منك، ولا يسترسل مع من يمدحه، وغالباً أن الذي يمدحك في وجهك يذمك إذا غبت عن وجهه، ينبغي للإنسان أن يكون عوناً لأخيه على التقى وعلى البر، وألا يكون عوناً للشيطان عليه، والنفوس ضعيفة، وكل نفس تحب الترفع، وتحب أن يكون لها المقام الرفيع في نفوس الخلق، فلهذا لا ينبغي للإنسان أن يسترسل مع نفسه في مثل هذا.