للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فضيلة عكاشة، وحسن رد النبي صلى الله عليه وسلم]

قال الشارح رحمه الله تعالى: [وقوله: فقال يا رسول الله: ادع الله أن يجعلني منهم قال: (أنت منهم)، وللبخاري في رواية: فقال: (اللهم اجعله منهم) وفيه طلب الدعاء من الفاضل.

وقوله: (ثم قام رجل آخر) ذكره مبهماً، ولا حاجة بنا إلى البحث عن اسمه.

وقوله: فقال: (سبقك بها عكاشة) قال القرطبي: لم يكن عند الثاني من الأحوال ما كان عند عكاشة، فلذلك لم يجبه؛ إذ لو أجابه لجاز أن يطلب ذلك كل من كان حاضراً فيتسلسل الأمر، فسد الباب بقوله ذلك.

انتهى].

الأولى أن لا يقال: ليس عند الثاني ما عند عكاشة من الأحوال التي تقتضي أن يكون من السابقين ولكن الظاهر قوله الأخير، وهو أن الرسول صلى الله عليه وسلم منع من ذلك لئلا يتتابع الناس، فكل واحد سيطلب؛ لأن كل واحد يحب ذلك -بلا شك- من الصحابة، فلما قال هذا القول امتنعوا كلهم وأحجموا عن ذلك.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [وفيه استعمال المعاريض، وحسن خلقه صلى الله عليه وسلم].

المعاريض هي أن يعرض بالشيء ولا يصرح به، كما قال هنا: (سبقك بها عكاشة) يعني بذلك أنه لن يدعو له، فما قال: لا أدعو لك.

أو: لا أسأل لك.

بل قال: (سبقك بها عكاشة)، فهذا تعريض بالمنع من الدعاء له، وهكذا ينبغي للإنسان أن يستعمل المعاريض في الأمور التي لو واجه بها الغير لأثرت في شعوره، فيستعمل المعاريض التي يحصل بها المقصود ويحصل بها حسن الأدب، وكذلك القول اللين الذي لا يكون داعياً ودافعاً إلى النفرة.