للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أدلة إثبات اليدين لله تعالى]

قال الشارح رحمه الله: [قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، ثم قال البخاري: حدثنا سعيد بن عفير قال: حدثنا الليث قال: حدثني عبد الرحمن بن خالد بن مسافر عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (يقبض الله الأرض ويطوي السماء بيمينه، فيقول: أنا الملك أين ملوك الأرض؟) تفرد به من هذا الوجه، ورواه مسلم من وجه آخر.

وقال البخاري في موضع آخر: حدثنا مقدم بن محمد قال: حدثنا عمي القاسم بن يحيى بن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله تعالى يقبض يوم القيامة الأرضين، وتكون السماء بيمينه ثم يقول: أنا الملك) تفرد به أيضاً من هذا الوجه، ورواه مسلم من وجه آخر.

وقد رواه الإمام أحمد من طريق آخر بلفظ أبسط من هذا السياق وأطول فقال: حدثنا عفان قال: حدثنا حماد بن سلمة قال: أنبأنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن عبيد الله بن مقسم عن ابن عمر (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية يوماً على المنبر: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر:٦٧]، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هكذا بيده يحركها، يقبل بها ويدبر، يمجد الرب تعالى نفسه: أنا الجبار، أنا المتكبر، أنا الملك، أنا العزيز، أنا الكريم، فرجف برسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر حتى قلنا: ليخرن به)].

قال المصنف رحمه الله: [ولـ مسلم عن ابن عمر مرفوعاً: (يطوي الله السموات يوم القيامة، ثم يأخذهن بيده اليمنى، ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ثم يطوي الأرضين السبع، ثم يأخذهن بشماله، ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟)].

في هذا الحديث إثبات الشمال، والمقصود أن لله جل وعلا يدين، وأما ما جاء في الصحيحين في قصة آدم أن الله جل وعلا (قبض بيديه فقال له: اختر؟ فقال: اخترت يمين ربي، وكلتا يديه يمين) فمقصود هذا أن كلتاهما كاملة تامة لا يلحقها نقص، ليس كالمخلوق الذي يمينه أكمل من شماله، هذا هو المقصود بقوله: (وكلتا يديه يمين).

وإذا جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم النص وجب قبوله والقول به؛ لأنه معصوم فيما يبلغ عن الله جل وعلا.

قال الشارح رحمه الله: [كذا في رواية مسلم، وقال الحميدي: وهي أتم، وهي عند مسلم من حديث سالم عن أبيه، وأخرجه البخاري من حديث عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (إن الله يقبض يوم القيامة الأرضين، وتكون السماء بيمينه)].

يعني ليس في البخاري لفظ (شماله).

قال الشارح رحمه الله: [وأخرجه مسلم من حديث عبيد الله بن مقسم.

].

قال المصنف رحمه الله: [وروي عن ابن عباس قال: ما السماوات السبع والأرضون السبع في كف الرحمن إلا كخردلة في يد أحدكم].

في هذا إثبات الكف لله جل وعلا، فليده كف، وقد ثبت هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري وغيره، وهو من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك القبض.