للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فوقية الله عز وجل واستواؤه على العرش]

قال الشارح رحمه الله تعالى: [قال شيخ الإسلام أحمد بن تيمية رحمه الله تعالى: وهذا كتاب الله من أوله إلى آخره وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وكلام الصحابة والتابعين وكلام سائر الأئمة مملوءة كلها بما هو نص أو ظاهر أن الله تعالى فوق كل شيء، وأنه فوق العرش فوق السموات مستوٍ على عرشه، مثل قوله تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر:١٠]، وقوله تعالى: {يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران:٥٥]، وقوله تعالى: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} [النساء:١٥٨]، وقوله تعالى: {ذِي الْمَعَارِجِ * تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج:٣ - ٤]، وقوله تعالى: {يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ} [السجدة:٥]، وقوله تعالى: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النحل:٥٠]، وقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ} [البقرة:٢٩]، وقوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف:٥٤]، وقوله: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ} [يونس:٣]، فذكر التوحيدين في هذه الآية].

المقصود بالتوحيدين توحيد الأسماء والصفات، وتوحيد العبادة -توحيد التأله-، وهذا هو أعظم ما جاءت به الرسل، وأوجب ما يجب على الإنسان أن يفعله، والله جل وعلا لا يقبل من العبد حتى يوحد، وسمي توحيد الأسماء والصفات لأن الله يختص به وحده لا يشاركه فيه أحد غيره -تعالى وتقدس- فهذه الصفات خاصة به جل وعلا، وكل صفة يتصف بها لا يشاركه فيها خلقه، وإن شاركوه في اللفظ أو في مجرد التسمية أو المعنى العام من بعيد، ولكن إذا أُضيف الشيء لله فهو خاص به، ولا يجوز أن يكون خلقه مشاركين له، فعلوّه خاص به جل وعلا، ولا يمكن أن يكون شيء من الخلق فوقه.