للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم، وفضل عكاشة]

[التاسعة عشرة: قوله صلى الله عليه وسلم: (أنت منهم) علم من أعلام النبوة].

أما كونه علماً من أعلام النبوة فالأمر كما قال الإمام ابن حزم رحمه الله، حيث يقول: الصحابة كلهم في الجنة، ولكن هذا لأن عكاشة بن محصن قتل شهيداً في سبيل الله، ومعلوم أن هذا من أفضل الأعمال، والله أخبر جل وعلا عن الشهداء أنهم أحياء عنده يرزقون جل وعلا، وأنهم ليسوا أمواتاً، ولا يجوز لنا أن نسميهم أمواتا، فالله نهانا عن ذلك فقال: {وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ} [البقرة:١٥٤]، وفي الحديث الصحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لـ جابر: (أما إن الله جل وعلا قد كلم أباك كفاحاً، فقال له: يا عبدي! تمن علي.

فقال: يا رب! وماذا أتمنى؟ فأعاد عليه، فلما رأى أنه لا بد من ذلك قال: تحييني مرة أخرى فأقتل في سبيلك.

قال: أما هذه فلا.

فقال: إذاً أبلغ عنا من خلفنا أنا قد لقيناك فأرضيتنا)، فأنزل الله جل وعلا بعض الآيات التي في سورة آل عمران، ولكن الأمر الذي حقق أن الشهيد هو أفضل الناس، فمن أفضل الأعمال الشهادة، ولهذا جاء أنه لا يحس الموت إلا كعضة جراد، وأنه يزوج من الحور العين سبعين، وأنه يؤمن من فتنة القبر وعذابه، في أشياء كثيرة جاءت خاصة بالشهداء، والله جل وعلا يقول في كتابه: {وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ} [الزمر:٦٩]، فجعل الشهداء مع النبيين أول ما يجاء بهم، وكذلك في آيات أخر مما يدل على فضل الشهادة في سبيل الله، فهذا من باب هذه الأدلة فقط، ولكن أعظم من هذا كله قوله صلى الله عليه وسلم: (أنت منهم)، فهذا يجب أن يؤمن به ويصدق ولو لم يقتل في سبيل الله، فهو منهم لخبر الرسول صلى الله عليه وسلم.

[العشرون: فضيلة عكاشة رضي الله عنه].

المعلوم أن كثيراً من الصحابة أفضل منه، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم إذا خص إنساناً بشيء معين فكل يفرح أو يحب أن يكون له شيء من ذلك، وإلا فـ أبو بكر أفضل منه بالاتفاق، وعمر أفضل منه، وعثمان أفضل منه، وعلي أفضل منه، وكذلك عبد الرحمن بن عوف والزبير وطلحة وأبو عبيدة وسعد بن أبي وقاص وغيرهم من العشرة الذين شهد لهم بالجنة، وغيرهم من السابقين، ولكن إذا خص الإنسان بشيء معين من بين الناس فكل واحد يحب أن يكون له شيء من ذلك، وهذا فضل بلا شك.