للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[جواز استعمال المعاريض]

[الحادية والعشرون: استعمال المعاريض].

استعمال المعاريض مأخوذ من قوله صلى الله عليه وسلم: (سبقك بها عكاشة)، والمعاريض: هي ألا يصرح بالمنع من الشيء أو إجابة الإنسان إلى الشيء، وإنما يؤتى بكلام عام يكون صرفاً له لئلا يخدش شعوره، ولا يكون به في الواقع إجابة صريحة وقد جاء: (إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب)، فالإنسان قد يطلب منه شيء فيذهب يقول كلاماً ليس بصحيح، بل كذب، فما يجوز له، ولكن يأتي بأشياء تخرجه من كون الإنسان يجد عليه في نفسه ولا تضره ولا تضر غيره، فهذا في الواقع من حسن خلق الرسول صلى الله عليه وسلم، وإلا فكان يستطيع أن يقول: لا أسأل لك.

ولا يغضب الإنسان إذا قال له ذلك، ولكنه لا يقول مثل هذا؛ لأنه يتألف الناس ويتحبب إليهم بما أعطاه الله جل وعلا من حسن الخلق، لهذا قال: (سبقك بها عكاشة).

[الثانية والعشرون: حسن خلقه صلى الله عليه وسلم].

حسن الخلق من أفضل الأعمال، بل جاء أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (ما شيءٌ أثقل في ميزان العبد من تقوى الله وحسن الخلق)، لهذا يسن للإنسان أن يقول: (اللهم اصرف عني سيء الأخلاق لا يصرفها إلا أنت)، ويقول: (اللهم اهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت)، فيسأل ربه هذا الشيء، وقد جاء تعليم الرسول صلى الله عليه وسلم لذلك لعظمه، فما هناك أحسن من خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا لما سئلت عنه عائشة قالت: كان خلقه القرآن.

فتخلق بالقرآن، فكان يحلم على الجاهل، وكان يسع بحلمه من يتطاول عليه، كما روى أنس في الصحيح أن أعرابياً لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان عليه كساء غليظ الحاشية، فأخذ يجبذه إليه حتى أثر ذلك في صفحة عنق رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أنس: فرأيتها تكاد يصب الدم منها.

فالتفت إليه الرسول صلى الله عليه وسلم وضحك، وما نهره، بل أمر بأن يعطى ويحسن إليه ويزاد على حقه، وهكذا صلوات الله وسلامه عليه كان عظيم الخلق حسن الخلق، وكان يأمر بهذا ويحض عليه، ولا سيما مع الأهل؛ فإنه قال: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي) صلوات الله وسلامه عليه.