للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الواجبات على الداعية في دعوته]

هناك واجبات على الداعية منها: أن يكون رفيقاً في دعوته، فلا يدعو الناس بالعنف والكلام البذيء والكلام المنفر، أو التحكم بالناس، أو استنقاصهم وما أشبه ذلك، بل يجب أن يكون عنده بصيرة في ذلك، وعنده رفق بالناس، والإنسان -مثلاً- قد يفعل أفعالاً قد أقام عليها أكثر عمره، فإذا جئت إليه من أول وهلة قلت له: هذا حرام وهذا لا يجوز أن تقيم عليه.

أو: أنت لم تفعل شيئاً وما أشبه ذلك فقد يستصعب هذا القول، بل يجب أن يأخذه الداعية بالرفق شيئاً فشيئاً، حتى يحبب إليه الطاعة وطريق اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، بعد أن يعرفه الأصل الذي هو شهادة أن لا إله إلا الله، ثم يعلمه الواجبات.

أن يكون حليماً، فلابد أن يكون الداعية حليماً، فإذا وقع له كلام يخدش شعوره أو يسيء إليه، ولا يعجل، يحلم ويصبر، ولو كانت دعوته لله فلا يستعجل على الناس، ولا يغضب عليهم؛ لأن الأذى الذي يسمعه من الناس أو يناله منهم يحتسبه عند الله، ويرجو أن الله يثيبه عليه.

ويكون كذلك رحيماً، فمن الواجبات أن يكون رحيماً، فهو عندما يدعو الناس يدعوهم شفقة عليهم من أن يدخلوا النار، ثم هذا لا يدعوه إلى أنه يود العصاة ويحبهم، بل يبغضهم في الله جل وعلا، ولكن في دعوته إياهم يرحمهم؛ لأنه يعرف أن الناس لا يستطيعون مقاومة النار ومقاومة عذاب الله جلا وعلا، فهو يرحمهم خوفاً عليهم من أن يقعوا في عذاب الله، ويبين لهم الحق من خلال هذه الأمور.

وأصل الدعوة في هذا ما سيأتينا في الآية التي سيذكرها المؤلف، وهي قول الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف:١٠٨].

هذا هو الأصل الذي ينبغي للداعية أن يتبناه دائماً، وهو ما دلت عليه هذه الآية الكريمة، فالله جل وعلا يأمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول هذا القول: ((قل هذه سبيلي))، فهذه الإشارة هي إلى دعوته صلى الله عليه وسلم التي يدعوا الناس إليها، أي: هذه الدعوة التي أدعو الناس إليها هي سبيلي التي أرسلت من أجلها، وهذا الطريق هو الذي أحيا عليه، وأموت عليه، فأعمل له ما حييت، ولا أنافس أهل الدنيا في دنياهم، أو أطلب ملك الدنيا أو غيرها، وإنما أحيا لدعوة لله جل وعلا.