للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أقسام الناس المدعوين]

ويلزم أن يكون الداعية حاصلاً على القوة؛ حتى يمكن أن يدعو بطريقة ناجحة، وذلك أن الناس الذين يدعون يكونون ثلاثة أقسام غالباً: قسم يكون جاهلاً بالحق ولو تبين له لاتبعه، فهذا دعوته فقط لبيان الحق، فيبين له ويزاح عنه ما يعترض سبيل الحق إذا كان عنده شبهه فقط.

وقسم آخر قد تلبَّس بأمور يصعب عليه تركها من دنيا أو رئاسة أو ما أشبه ذلك، فهذا يُدعى بالحكمة والموعظة، بالترهيب والترغيب، فيؤتى له بالترهيب والترغيب، أي: بالنصوص التي تتوعد المعرض والذي يفعل المعاصي وهذا القسم يكفيه ذلك.

قسم ثالث لا يكون عنده عناد، ولكن عنده تكبر وعنده إباء عن قبول الحق، فمثل هذا يحتاج إلى قوة، فأن أفادت معه المجادلة وبيان الحكمة وبيان العظات والزواجر والوعيد فهذا هو المطلوب، وإن لم يفد معه ذلك ينتقل معه إلى السلاح فيقاتل، ولهذا ذكر الله جل وعلا في بعض الآيات في القرآن الحديد مقروناً بالكتاب؛ ليبين أن الذي يعرض عن الكتاب ولا يقبله يصار معه إلى الحديد وإلى القوة قوة السلاح، فالذي يقف بوجه الدعوة ويصد عنها ويتكبر ويتجبر، ليس أمام أهل الدعوة الذين يدعون إلى الله معه إلا استعمال القوة، فلهذا الداعي الناجح يجب أن يكون متصفاً بهذه الأمور، وإلا فتكون الدعوة ناقصة قاصرة، أن يكون عنده العلم، وعنده الحلم، وعنده المقدرة على إبطال الشبهة وإيصال العلم إلى من عنده شبهة، وإزاحة ما أمامه من غشاوة، ثم كذلك يكون عنده قوة إذا أرادوا أن يبطلوا دعوته أو يقاتلوه أو يصدوه عن دعوته، فيقاومهم كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك.