للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فرضية الزكاة]

فبعد ذلك يقول: (فإنهم أجابوك إلى ذلك)، يعني: أدوا الصلاة وأقاموها (فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم)، وهذا دليل على أن الزكاة لا تجب إلا على الأغنياء، وهذا نوع مما تفارق به الصلاة، فالصلاة تجب على الفقير والغني، وعلى المرأة والرجل، وعلى العبد الحر، وعلى كل بالغ، وعلى المريض والصحيح، تجب على كل مكلف حسب استطاعته، بخلاف الزكاة فإنها لا تجب إلا على الأغنياء، وفيه دليل على أن الزكاة تجب أيضاً في مال الصغير ومال المجنون؛ لأنه يدخل في عموم قوله: (صدقة تؤخذ من أغنيائهم)، وفيه دليل على جواز صرف الزكاة لنوع من أنواع الزكاة؛ لأنه قال: (فترد على فقرائهم)، وقد اختلف العلماء في هذا الضمير هل يراد به فقراء المسلمين أو فقراء أهل اليمن؟ فإن أريد به الأول جاز نقل الزكاة من بلد إلى آخر، وإن قيل: إنه يقصد بها ضمير القوم فلا يجوز نقل الزكاة، وهي مسألة خلافية بين العلماء، والصواب في هذا أنه إذا كان في نقلها مصلحة وفائدة وحاجة لمن تنقل إليه أعظم فإنها تنقل، أما إذا لم يكن ذلك فلا، بل تفرق في البلد التي أخذت منه.

ثم فيه دليل على أن الزكاة تؤخذ من الأغنياء، ويأخذها الإمام أو عامله الذي يكل إليه ذلك.

وقوله أيضاً (على أغنيائهم) استدل به بعض العلماء على أن من كان عليه دين، وعنده أموال ولكن الدين يستغرقه أنه ليس عليه الزكاة؛ لأنه ليس غنياً.