للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[العلة من تخصيص ذكر اليهود والنصارى]

قال الشارح رحمه الله تعالى: [قوله صلى الله عليه وسلم: (إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب) قال القرطبي: يعني به اليهود والنصارى؛ لأنهم كانوا في اليمن أكثر من مشركي العرب أو أغلب، وإنما ينبه على هذا ليتهيأ لمناظرتهم].

والأمر في الواقع ليس كذلك، ولا أن أهل الكتاب في اليمن أكثر، بل أهل الأوثان من العرب أكثر من اليهود والنصارى، ولكن السبب في ذلك أن أهل الكتاب عندهم حجج وعلوم، وليسوا كعبّاد الأصنام العرب الجهلة، فأمره أن يستعد لمحاجتهم ولكشف الشبه التي ربما ألقوها عليه، وقد وقع لبعض الصحابة شيء من ذلك، فلما أرسله إلى نجران -ونجران فيها نصارى كما هو معروف- قالوا له: إنكم تقرأون في كتابكم في مريم: {يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا} [مريم:٢٨]، وبين مريم وهارون مئات السنين أو آلآف السنين، فكيف تقولون هذا؟ فما درى ماذا يقول، حتى رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك فقال: (ألا أخبرتهم أنهم يتسمون بأسماء أنبيائهم) يعني أن هارون الذي ذكر أن مريم أخته ليس هو هارون أخو موسى، وإنما هو اسم على اسمه، يتسمون بأنبيائهم.

فالمقصود أنهم يدلون بحجج وبشبهات، فيجب على الداعية الذي أرسل إليهم أن يكون عنده تسلح بالعلم وكشف الشبه التي قد يلقونها، وليس السبب أن اليهود والنصارى كانوا أغلب في اليمن، لا.

وعند المؤرخين أن الأغلب والأكثر هم العرب، وهؤلاء دخلاء عليهم.