للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مصارف الزكاة]

قال الشارح: [وقوله صلى الله عليه وسلم: (فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم) فيه دليل على أن الزكاة أوجب الأركان بعد الصلوات، وأنها تؤخذ من الأغنياء وتصرف إلى الفقراء، وإنما خص النبي صلى الله عليه وسلم الفقراء لأن حقهم في الزكاة آكد من حق بقية الأصناف الثمانية].

من الأصناف الثمانية الفقراء والمساكين، والمساكين صنف آخر، وقد اختلف العلماء في الفرق بين الفقير والمسكين، فمنهم من يقول: إن المسكين أكثر حاجة.

ومنهم من يقول: الفقير أكثر حاجة.

والذين قالوا: إن المسكين أكثر حاجة يستدلون بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس المسكين الذي ترده اللقمة واللقمتان، وإنما المسكين الذي لا يفطن له فيتصدق عليه، ولا يسأل الناس) وهذا معناه أنه ما عنده شيء.

واستدل الذين قالوا: إن الفقير أكثر حاجة بأن الله بدأ به، والله جل وعلا لا يبدأ إلا بما هو أهم، ولأنه جلا وعلا قال في سورة الكهف: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ} [الكهف:٧٩]، فأخبر أنهم مساكين ولهم سفينة، فدل على أن المسكين يكون عنده مال.

ولهذا قالوا: الفقير أشد حاجة.

فعرفوه وقالوا: الفقير الذي لا يجد شيئاً، والمسكين الذي يجد نصف الكفاية.

مثلاً نصف كفاية السنة، وأما الفقير فهو الذي لا يجد إلا أقل من ذلك.

والعاملون هم الذين يعملون على الزكاة، فمن أرسلوا لجباية الزكاة وأخذها من أصحابها فإنهم يعطون أجر عملهم من الزكاة.

وقوله: ((وفي سبيل الله)) يعني: في الجهاد.

يشتري بالزكاة أسلحة، وكذلك يشري بها ما يحمل الناس، ويعطى منها الذين يجاهدون.

وقوله: ((وابن السبيل)) يعني: المسافر الذي يترك بلده ويسافر وتنقطع نفقته أو تقل.

فإنه يعطى من الزكاة وإن كان غنياً في بلده، فيعطى منها الشيء الذي يوصله.

وقوله: ((والغارمين)) الغارم هو الذي يتحمل الأموال في سبيل الإصلاح وغير ذلك.

والمؤلفة قلوبهم هم رؤساء الكفار، وهذا خاص بهم فقط، ولا يجوز إعطاء كافر من الزكاة إلا هؤلاء، فإذا كان للكفار رؤساء ولو أسلموا أسلم بهم ناس كثير فإنهم يعطون منها تأليفاً لهم وترغيباً لهم في الدخول في الإسلام.

(وفي الرقاب): أي: يشترى الرقيق من مالكيهم ويعتقون من الزكاة.

فهؤلاء هم أهل الزكاة.