للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حديث: (لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله)

قال المصنف رحمه الله: [ولهما عن سهل بن سعد رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر: (لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، يفتح الله على يديه، فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها.

فقال صلى الله عليه وسلم: أين علي بن أبي طالب؟ فقيل: هو يشتكي عينيه.

فأرسلوا إليه، فأتي به فبصق في عينيه ودعا له، فبرأ كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية فقال: انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم) (يدوكون) أي: يخوضون].

هذا الحديث كسابقه في الصحيحين.

قوله: (لهما) أي: للبخاري ومسلم عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر: (لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، يفتح الله على يديه، فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها، فلما أصبحوا غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل واحد منهم يرجو أن يعطاها، فقال: أين علي بن أبي طالب؟ فقالوا: هو يشتكي عينيه -أي أرمد- فأرسل إليه فأتي به يقاد، فبصق في عينيه فبرأ، ثم دفع إليه الراية وقال: انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم)، وفسر المؤلف (يدوكون) بـ (يخوضون).

غزوة خيبر وقعت في أول السنة السابعة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ذهب لعمرة الحديبية في السنة السادسة في ذي القعدة ورجع في ذي الحجة، فحال المشركون بينه وبين دخول مكة أنفة وحمية، وقد ساق الرسول صلى الله عليه وسلم إبلاً كثيرة يريد أن ينحرها عند البيت هدياً، فأبوا أن يدخل مكة، فحصل صلح بينه وبينهم بأن توضع الحرب بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين قريش عشر سنوات، فحصلت مهادنة وكتبوا الصلح، وفي هذا الكتاب: من أراد أن يدخل في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده دخل -أي: من قبائل العرب- ومن أراد أن يدخل في عقد قريش وعهدها دخل.

فدخل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض القبائل القريبة من مكة، وهم خزاعة، وبعضها دخل مع قريش وهم بنو بكر، ثم بعد انقضاء كتابة الصلح ورجوعه إلى المدينة أنزل الله عليه: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح:١] إلخ السورة، وفيها وعد الله جل وعلا للمسلمين بغنائم يأخذونها، وأنه عجل لهم هذه -لغنائم أشار إليها- فأخبرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بأن هذه الغنائم هي غنائم خيبر، وأنها قريبة، وأمره الله جل وعلا ألا يخرج معه إلا من حضر الحديبية، ولهذا لما خرج من المدينة أبى على الأعراب الذين جاؤوا يستأذنونه للخروج معه لأمر الله جل وعلا، يقول ابن إسحاق: فبقي رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة بقية ذي الحجة عشرين يوماً وأول المحرم، ثم خرج إلى خيبر، وكانت حالتهم ضعيفة، حتى إن بعض اليهود الموجودين في المدينة لما علموا بذلك صاروا يتعلقون بكل من لهم عليه دين حتى لا يخرج، وحصلت أشياء من هذا القبيل ذكرت في الأحاديث والسير، وكل ذلك ليمنعوا من يستطيعون خروجه إلى أصحابهم.

وكان اليهود بالعكس عندهم قوة واستعداد، وقد كانوا يتدربون لما سمعوا بأن الرسول صلى الله عليه وسلم سيغزوهم، فصاروا كل يوم يخرجون ألفاً منهم يتدربون على القتال والسلاح الذي معهم، وكانوا يرون أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يستطيع لهم لكثرتهم؛ لأنهم يبلغون أضعاف أهل المدينة، وهم أقوياء، ولهم أيضاً حلفاء وهم غطفان.

فوصل الرسول صلى الله عليه وسلم قرب خيبر بعد العصر، فأمر بالأزواد أن يؤتى بها فلم يوجد إلا السويق، فجئ بالسويق فعجن بالماء فأكل من أكل، وكان عندهم عوز شديد، ثم قال للأدلاء: من الذي يذهب بنا فنأتي خيبر من جهة الشام حتى نحول بينهم وبين حلفائهم.

وذكر القصة، وأنه قاتل أول يوم وثاني يوم وثالث يوم.