للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فضيلة علي رضي الله عنه]

[الحادية والعشرون: فضيلة علي رضي الله عنه].

فيه فضيلة لـ علي بن أبي طالب رضوان الله عليه, لكونه قال: (لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله)، فأخبر صلوات الله وسلامه عليه أن علياً يحبه الله ورسوله، وهذا من أعظم الفضائل، غير أنه سبق أن هذا ليس من خصائص علي بن أبي طالب رضي الله عنه، بل كل مؤمن تقي يحبه الله ورسوله، والصحابة أتقياء، ولكن السبب في كونهم حرصوا على ذلك أنه إذا شهد الرسول صلى الله عليه وسلم لمعين بأنه يحبه الله ورسوله فكل واحد يحرص أن يكون ذلك؛ لأن الإنسان ما يثق بعمله وإن جاء بأحسن عمل حتى يأتيه الخبر من الله ورسوله صلوات الله وسلامه عليه.

ثم إن فضائل علي كثيرة غير هذا، ولكن أبا بكر أفضل منه، وعمر أفضل منه، وثبت في صحيح البخاري عن عبد الله بن عمر أنهم كان يفضلون الصحابة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فيقولون: أفضلهم أبو بكر ثم عمر.

وفي رواية: ثم عثمان ثم يسكتون.

والرسول يسمع ذلك ويسكت.

وليس في هذا ما يدل على أن علي بن أبي طالب هو خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل الدلائل الدالة على أن الخلافة لـ أبي بكر كثيرة وواضحة، أما مجرد الدعاوى فإنها لا تغني من الحق شيئاً، وكل أحد يستطيع أن يدعي كما يدعي المدعي، وإنما الشأن في الدلائل الثابتة من النقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم الثابت الصحيح.

فمن المعلوم أنه صلوات الله وسلامه عليه لما مرض قال: (مروا أبا بكر فليصل بالناس)، وقد روجع في هذا وقيل له: إن أبا بكر رجل يكثر البكاء، فإذا قام في مقامك لن يسمع الناس من البكاء.

قالت له ذلك عائشة، وكانت تكره أن يقوم أبو بكر مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده؛ لأنه ما يقوم أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم في مقامه فيكون مثله، فربما كره الناس من قام مقامه بعده، فلهذا كانت تحاول أن يكون الذي يصلي بالناس عمر، فقالت للرسول صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله! إن أبا بكر رجل أسيف كثير البكاء إذا قام مقامك ما يملك نفسه من البكاء فلا يسمع الناس، لو أمرت عمر أن يصلي بالناس.

فقال صلى الله عليه وسلم: (مروا أبا بكر فليصل بالناس)، ثم ذهبت وأمرت حفصة أن تقول له مثل هذا القول، فذهبت حفصة وقالت له ذلك، فغضب صلوات الله وسلامه عليه وقال: (إنكن صواحب يوسف، مروا أبا بكر فليصل بالناس)، ثم بقي أبو بكر يصلي بهم طوال وقت مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد خرج مرتين وهو يصلي بهم، وعلي موجود، وما قال: مروه أن يصلي بكم.

وكذلك الرؤيا التي رآها صلوات الله وسلامه عليه، قال: (رأيت كأني على بئر أنزع منها الماء فنزعت ما شاء الله أن أنزع، فجاء أبو بكر فنزع دلواً أو دلوين، وفي نزعه ضعف والله يغفر له، ثم جاء بعده عمر فتحولت الدلو غرباً، فما رأيت عبقرياً يفري فريه، فنزع حتى روي الناس وضربوا بعطن).

وكذلك لما جاءته امرأة فكلمته في شيء فأمرها بأمر فقالت: أرأيت -يا رسول الله- إن لم أجدك -كأنها تعني الموت-؟ فقال: (إذا لم تجديني فأتي أبا بكر)، وأشياء كثيرة جداً.