للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شرح حديث: (من قال: لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله)]

قال الشارح رحمه الله: [قوله: في الصحيح: أي: صحيح مسلم، عن أبي مالك الأشجعي عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره، وأبو مالك اسمه سعد بن طارق، كوفي ثقة، مات في حدود الأربعين ومائة، وأبوه طارق بن أشيم - بالمعجمة والمثناة التحتية وزن أحمر - ابن مسعود الأشجعي صحابي له أحاديث، قال مسلم: لم يرو عنه غير ابنه].

الصحابة رضوان الله عليهم كثيرون جداً ,ليس كل صحابي عرف اسمه، أو عرفت روايته أو نقل عنه، المنقول عنهم قلة، والذين عرفوا ما يتجاوزون اثني عشر ألفاً من الصحابة الذين رويت عنهم الأحاديث، وقد قال أبو زرعة: الذين اجتمعوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع أكثر من ثلاثمائة ألف، فيكون كلهم من الصحابة، وهؤلاء أكثرهم لم يعرف اسمه، ومعرفة الأسماء تكون برواية الأحاديث، والأحاديث دونت وسجلت بعد ذهاب الصحابة رضوان الله عليهم، ثم هم رضوان الله عليهم ما كانوا يحرصون على التحديث كثيراً كما جاء في الصحيح أن رجلاً صحب الزبير من المدينة إلى مكة فقال: ما سمعته يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله فقال: إن الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عظيم، فقد سمعته يقول: (من كذب عليّ فليتبوأ مقعده من النار) هم يقولون: (متعمداً) والله ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (متعمداً) يعني: أنه ذكر هذا مطلقاً، فامتنع من التحديث من أجل ذلك، ولكن إذا وجب الأمر لا بد أن يذكروا ذلك، إذا احتاجوا إلى ذكر العلم ذكروه ولا يكتمونه.

ثم هم رضوان الله عليهم كانوا يهتمون بالعمل أكثر؛ ولهذا كانت دعوتهم بأعمالهم أكثر من دعوتهم بأقوالهم.

وقد سبق أن قول: لا إله إلا الله شرط في صحة الإسلام، وأن الإنسان ما يدخل دين الإسلام إلا بقول: لا إله إلا الله، والقول وحده لا يكفي.

وهذا الحديث بين المراد من الأحاديث الأخرى التي فيها أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة) وما في معنى ذلك، وأنه ليس المراد مجرد القول، وإنما يجب أن ينضاف إلى القول العلم والاعتقاد الجازم، ويتبع العلم العمل.

وكذلك الكفر بما يعبد من دون الله، فإذا اختل شيء من هذه الأمور في الإنسان لم يصح دينه وإسلامه، فلا بد أن يقول: لا إله إلا الله، وأن يقولها عن علم واعتقاد، وأن يعمل بمقتضاها وما دلت عليه، وأن يكفر بالمعبودات التي تعبد من دون الله جل وعلا.