للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[رواية: (من وحد الله)]

قال الشارح: [وفي مسند الإمام أحمد عن أبى مالك قال: وسمعته يقول للقوم: (من وحد الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله عز وجل) ورواه الإمام أحمد من طريق يزيد بن هارون قال: أخبرنا أبو مالك الأشجعي عن أبيه، ورواه أحمد عن عبد الله بن إدريس قال: سمعت أبا مالك قال: قلت: لأبى: الحديث، ورواية الحديث بهذا اللفظ تفسير: لا إله إلا الله] وذلك أنه قال: (من قال: لا إله إلا الله، وكفر بما يعبد من دون الله فقد حرم ماله ودمه) فدل على أنه لا يحرم مال الإنسان ودمه على المؤمنين الذين يقاتلون في سبيل الله إلا بذلك، قال الله جل وعلا: {قَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [البقرة:١٩٣]؛ لأن الفتنة هي الشرك، فلا يحرم ذلك حتى يوجد هذا الذي ذكر في الحديث، فالفتنة التي ذكرها الله جل وعلا هي الشرك، وإذا وجد الشرك فإنه قد أمر بقتالهم، وأموالهم تكون حلالاً، ودماؤهم كذلك، ويشرع قتلهم حتى يحصل ما شرطه الرسول صلى الله عليه وسلم.

ولهذا يتبين أنه لو قال: لا إله إلا الله وهو يعبد غير الله ويتعلق بغيره، أنها لا تنفعه لا إله إلا الله، وإنما تنفع الذي يقولها عن علم، ويعمل بما دلت عليه، ويكفر بما يعبد من دون الله جل وعلا، وقد قال الله جل وعلا: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} [البقرة:٢٥٦] فبين أن الكفر بالطاغوت واجب متعين على المسلم، والطاغوت كل ما عبد من دون الله، فكل المعبودات من دون الله طواغيت؛ لأن الطاغوت مأخوذ من الطغيان وهو تجاوز الحد، والمخلوقات كلها حدها أن تكون خاضعة ذليلة لله، ما تكون معبودة وما تكون آلهة، فإذا كانت آلهة فقد تعدت حدها، وتجاوزت طورها، فأصبحت من الطواغيت، فالحديث دل على ما دلت عليه الآية من أنه لا بد من الكفر بما يعبد من دون الله، ولا بد من الكفر بالطواغيت كلها، أما إنسان يقول: أنا لا أكفر بالطاغوت ولا أتبرأ منه، وإنما أعبد الله، فهذا لا تفيده عبادته؛ لأن هذا شرط لا بد منه، وإذا قال ذلك فإن ماله ودمه لم يحرم؛ لأنه لم يأت بالعاصم الذي يعصم دمه وماله.