للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخلاف في تعليق القرآن حرزاً

جاء عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه إذا كان الحرز من القرآن ومن آيات الله جل وعلا وأسمائه وصفاته فلا بأس به، وكان يكتب تعويذات من الآيات التي فيها المعاني العظيمة، مثل آية الكرسي، ومثل المعوذتين، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:١] ويعلقها.

وجاء كذلك عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ما يدل على جواز هذا، وفي رواية عن الإمام أحمد قال: إن هذا يجوز، وابن القيم رحمه الله في كلامه -في زاد المعاد- ما يدل على أنه يجوز ذلك عنده، وهو قول طائفة من السلف.

القول الثاني: أنه ممنوع مطلقاً، وهذا قول ابن مسعود وأصحابه الذي تعلموا عليه، وكذلك يدل عليه ما جاء عن حذيفة وعبد الله بن عكيم وغيرهم من الصحابة، وهذا القول هو الراجح، وهو رواية عن الإمام أحمد أيضاً، وهو الصواب لأمور ثلاثة: الأمر الأول: أن النصوص التي جاءت في المنع من التميمة مطلقة، ليس فيها تقييد أنه إذا كان من كذا وكذا فهو جائز، ويجب أن تؤخذ النصوص على إطلاقها، وعلى الذي يقيدها أن يأتي بالدليل، ولا دليل على ذلك، وهذا إذا أخذناه وحده يكفي في المنع.

الأمر الثاني: أن تعليق شيء من آيات الله وأسمائه وأوصافه لا يخلو المعلق له من امتهانه، فقد ينام ويضعه تحت رأسه، وقد يدخل به إلى مكان قضاء الحاجة، ولا سيما إذا كان على صبي، أو من لا يعقل، أو من لا يقدر الله حق قدره، فيكون فيه امتهان، حتى آل الأمر بكثير من الناس أنهم يكتبون مصاحف صغيرة جداً، فيضعونها على رقابهم أو في جنوبهم على أنها تمائم، وهذا موجود ويباع في المكاتب، ويتخذ لهذا الغرض، فهذا من امتهان كلام الله جل وعلا وكتابه -نسأل الله العافية.

الأمر الثالث: أن هذا قد يكون وسيلة إلى تعليق ما لا يجوز.

لهذه الأمور الثلاثة نقول: إن الراجح والصواب المنع مطلقاً من تعليق التمائم، وهذا أسلم للإنسان، وأبعد له من الوقوع في المحرمات، وهي أيضاً داعية لغيره لأن يفعل شيئاً من ذلك فيقع المحذور؛ لهذا جاءت النصوص كلها تدل على أن التميمة ممنوعة مطلقاً، والعلم عند الله جل وعلا.