للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حديث: البراءة ممن عقد لحيته أو تقلد وتراً أو استنجى برجيع دابة أو عظم

قال الشارح: [وروى أحمد عن رويفع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا رويفع! لعل الحياة ستطول بك، فأخبر الناس أن من عقد لحيته أو تقلد وتراً أو استنجى برجيع دابة أو عظم فإن محمداً بريء منه)].

هذا من أحاديث الوعيد التي يتوعد من فعل ما ذكر فيها بأن الرسول صلى الله عليه وسلم برئ منه، أو بأن الله يفعل به كذا وكذا، إما أن يلقيه في النار، أو يغضب عليه، أو يلعنه، أو أن من فعل كذا وكذا فليس منا، وما أشبه ذلك، وللعلماء في هذا مذهبان سنذكرهما إن شاء الله.

قوله: (لعل الحياة ستطول بك) قد وقع ما ترجاه الرسول صلى الله عليه وسلم، ومثل هذا الأسلوب قد يأتي لأمر مجزوم به متيقن، ومع ذلك يقول: لعله كذا وكذا، وهو عارف أنه سيقع؛ لأن هذا أسلوب عربي استعمله القرآن، وكذلك استعمله الرسول صلى الله عليه وسلم.

وقوله: (أخبر الناس) هذا ليس خاصاً بـ رويفع، وإنما هو عام لكل من كان عنده علم من شرع الله جل وعلا مما بينه الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنه يجب أن يخبر الناس بذلك، إذا كانوا محتاجين إليه، ومثل هذا إذا كان واحداً فإنه يتعين عليه، أما إذا كانوا جماعات عندهم هذا العلم، فإن الأمر يكون بالنسبة إليهم من فروض الكفاية، يعني: إذا قام به من يكفي للبيان والإيصال فيسقط الإثم عن البقية، ولا يلزم كل واحد بعينه أن يبين ويوصل ذلك إلى الناس.

وهذا عام في كل ما احتاج إليه الناس من أمر دينهم، والخطاب وإن كان لشخص بعينه فقد علم من قواعد الشرع أنه يقصد به كل من حمل شيئاً عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فيجب عليه أن يبينه للناس إذا كانوا محتاجين إليه.