للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[لعن الوالدين كبيرة من الكبائر]

الجنس الثاني: الذي يلعن والديه، سواءً الأب والأم أو الجد والجدة وإن علوا، وسواء باشر ذلك بنفسه أو كان سبباً للعنهما، كما جاء ذلك مفسراً في صحيح البخاري وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلما قال ذلك قيل له: كيف يلعن الرجل والديه؟ يعني: يستبعد الصحابة رضوان الله عليهم أن يقع هذا من مسلم، بل من عاقل، فكيف يلعن الرجل والديه؟ فقال: (يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه) يعني: أنه يكون سبباً للعن والديه، فيكون ملعوناً؛ لأنه تسبب في ذلك، أما إذا فعل ذلك مباشرة فهو أعظم جرماً.

ولعن الوالدين ضد البر والإحسان الذي أمر الله جل وعلا به، فهو محادة لله جل وعلا، كما أن الذبح لغير الله ضد الإخلاص والتوحيد الذي أوجبه الله جل وعلا وأمر به، فإذا وجد ذلك فإنه يكون محادة لله جل وعلا ولرسوله.

وقد قرن الله جل وعلا حق الوالدين بحقه في آيات كثيرة في القرآن، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة عاق)، فالذي يعق والديه لا يدخل الجنة، وقال: (رضا الله في رضا الوالدين)، وأخبر: أن الأم حقها أعظم وآكد لشدة ما تقاسيه، وكثرة ما تزاوله من التعب والنكد بسبب هذا الولد؛ من حمله وإرضاعه وتربيته صغيراً وإزالة الأذى عنه والقيام عليه والسهر وغير ذلك، فإذا كبر واستغنى يصبح كما قال القائل: أعلمه الرماية كل يوم فلما اشتد ساعده رماني فإذا استغنى وكبر يقابل الوالد بالقسوة والعنف والمعصية والعقوق والأذى، بل ربما باللعن والشتم، فهذا هو الملعون الذي لعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا لعن الله إنساناً فإنه طريد بعيد من رحمة الله جل وعلا، وسوف يلاقي جزاءه يوم القيامة، وهو عذاب الله نسأل الله العافية.