للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم لعن المعين]

في هذا الحديث دليل على جواز لعن العصاة والفسقة، وقد اختلف العلماء في جواز لعن المعين منهم، أي: المعين الفاسق هل يجوز أن يلعن بعينه؟ الصواب: أنه لا يجوز، وإنما يلعنون بالعموم كما في هذا الحديث، وكما في قوله صلى الله عليه وسلم: (لعن الله آكل الربا، ومؤكله، وكاتبه، وشاهديه) وكذلك لعن في الخمر عشرة: عاصرها، ومعتصرها، وبائعها، ومبتاعها، وعاصرها، وساقيها، ومستقيها، وحاملها، والمحمولة إليه، وآكل ثمنها، ومؤكله، فكلهم ملعونون، وهؤلاء أنواع من الفسقة وليس رجلاً بعينه.

وبعض العلماء أجاز لعن الفاسق بعينه، وبعضهم منع ذلك، وذلك مثل الحجاج بن يوسف ويزيد بن معاوية ونحوهما من الظلمة الذين هم مسلمون، واختلف العلماء هل يلعنون أولا؟ فبعضهم قال: يجوز، وأكثر العلماء على أن هذا ممنوع لا يجوز، وإنما يلعنون بالعموم فيقال: ألا لعنة الله على الظالمين، وكما في هذا الحديث: (لعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من لعن والديه، ولعن الله من آوى محدثاً، ولعن الله من غير منار الأرض) وهؤلاء أجناس، وليس رجلاً بعينه، ما عدا العمل الذي يدل على الكفر والخروج من الإسلام؛ لأن الخلاف في الفاسق المسلم، وليس الخلاف في الكافر المعين، أما الكافر المعين فيجوز لعنه بعينه، وإنما الخلاف في الفاسق المسلم؛ لأن المسلم لا يخرج من الدين الإسلامي بفعل المعاصي ما عدا الشرك، فالشرك هو الذي يخرجه من الدين الإسلامي، أما المعاصي فإنها لا تخرجه، ولكنها تجعله فاسقاً.