للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نهي الله لرسوله عن الصلاة في مسجد الضرار]

قال الشارح: [فلهذه الأمور نهى الله نبيه عن القيام فيه للصلاة، وكان الذين بنوه جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قبل خروجه إلى غزوة تبوك فسألوه أن يصلي فيه، وأنهم إنما بنوه للضعفاء وأهل العلة في الليلة الشاتية فقال: (إنا على سفر، ولكن إذا رجعنا إن شاء الله) فلما قفل عليه السلام راجعاً إلى المدينة، ولم يبق بينه وبينها إلا يوم أو بعضه، نزل الوحي بخبر المسجد، فبعث إليه فهدمه قبل قدومه إلى المدينة.

ووجه مناسبة الآية للترجمة: أن المواضع المعدة للذبح لغير الله يجب اجتناب الذبح فيها لله، كما أن هذا المسجد لما أعد لمعصية الله صار محل غضب لأجل ذلك، فلا تجوز الصلاة فيه لله، وهذا قياس صحيح يؤيده حديث ثابت بن الضحاك الآتي].

قد يقال مثلاً: الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يصلون في كنائس النصارى، ومن المعلوم أن كنائس النصارى فيها من الصور والصلبان ما هو معبود من دون الله جل وعلا.

ونقول: نعم.

ولكن ما كانوا يصلون في الكنيسة التي فيها الصور أو فيها الصليب حتى يخرجوه أو يمزقوه، والكنائس تكون محلاً للعبادة، وكذلك البيع بنيت لعبادة الله جل وعلا إلا أن الشرك طرأ عليها، وإذا كان الشرك طارئاً فإنه يزال، وإن كان هؤلاء يتعبدون بضلال وشرك، فالأصل في دينهم أنه حق، ولكن غيروا وبدلوا بعد رسولهم الذي بعث إليهم وهو عيسى عليه السلام، فهذه الأماكن تفارق المكان الذي اتخذ للشرك محضاً، ولا تكون مماثلة له.