للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[معرفة العبد لنبيه]

الأصل الثالث: معرفة من جاء بالدين، وهو الرسول صلى الله عليه وسلم، وليس معنى معرفته أن يقول: هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم إلى آخر نسبه.

بل معرفته صلى الله عليه وسلم أن يعرف حقاً بأنه رسول فيعرفه بحالته وبآياته التي دلت على صدقه صلوات الله وسلامه عليه، بحيث لا يرتاب بأنه رسول من الرسل.

وهذه الأصول الثلاثة التي بني عليها الدين هي التي يسأل عنها الميت في قبره، كل ميت إذا وضع في قبره يأتيه ملكان فيسألانه عن هذه الأمور الثلاثة، فدل هذا على أن الإنسان لا يعذر بالجهل في ذلك، فليس هؤلاء الذين يعملون هذه الأعمال الشركية معذورين في أفعالهم كما يقوله من يقوله، لأن هذا أمر ظاهر وواضح، وقد قال الله جل وعلا: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} [الأعراف:١٧٢ - ١٧٣] فإن هذا الميثاق أخذه الله جل وعلا على بني آدم كلهم، وهم في صلب أبيهم، استخرجهم كأمثال الذر، ثم استشهدهم فشهدوا أن الله ربهم، أي: معبودهم الذي لا يجوز أن يعبد غيره، ثم فطرهم على هذا، وصار الإنسان منهم يولد على الفطرة، وهي: الميل إلى عبادة الله وحده، مثل كونه يميل ويطلب ثدي أمه بدون أن يعلمه معلم.

كذلك دين الله! وإنما تتغير هذه الفطرة بالتعليم والتربية، إذا علم وربي على خلاف ذلك، ظهر عليه.