للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[معنى كلمات الله التامات]

قال الشارح: [وقوله: (أعوذ بكلمات الله التامات) شرع الله لأهل الإسلام أن يستعيذوا به بدلاً عما يفعله أهل الجاهلية من الاستعاذة بالجن، فشرع الله للمسلمين أن يستعيذوا بأسمائه وصفاته].

الجن لا يستطيعون أن يعيذوا الإنسان، ولكن إذا استعاذ الإنسان بالله فإن الله يحميه من كل ما يؤذيه.

قال الشارح: [قال القرطبي: قيل: معناه الكاملات التي لا يلحقها نقص ولا عيب كما يلحق كلام البشر].

الكلمات التامات إما المراد بها الدينية، فهي تامة في الصدق والعدل وكمال الشرع، تامة من جميع هذه الأمور، وإما أن يراد بها الكونية فهي التي لا يمكن أن يلحقها نقص أو يتخلف مرادها بحال من الأحوال، فهي تامة من هذه الناحية.

[وقيل معناه: الشافية الكافية، وقيل: الكلمات هنا هي القرآن، فإن الله أخبر عنه بأنه: {هُدًى وَشِفَاءٌ} [فصلت:٤٤]، وهذا الأمر على جهة الإرشاد إلى ما يدفع به الأذى.

ولما كان ذلك استعاذة بصفات الله تعالى كان من باب المندوب إليه المرغب فيه، وعلى هذا فحق المستعيذ بالله أو بأسمائه وصفاته أن يصدق الله في التجائه إليه، ويتوكل في ذلك عليه، ويحضر ذلك في قلبه، فمتى فعل ذلك وصل إلى منتهى طلبه ومغفرة ذنبه.

قال شيخ الإسلام رحمه الله: وقد نص الأئمة كـ أحمد على أنه لا يجوز الاستعاذة بمخلوق، وهذا مما استدلوا به على أن كلام الله غير مخلوق، قالوا: لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه استعاذ بكلمات الله وأمر بذلك؛ ولهذا نهى العلماء عن التعاويذ التي لا يعرف معناها خشية أن يكون فيها شرك].

التعاويذ التي تكون بكلمات أعجمية أو كلمات مركبة أو حروف ليس لها معنى، لا يجوز الاستعاذة بها؛ لأن الاستعاذة تكون بكلمات الله وبأسماء الله وصفاته المعروفة المفهومة باللغة العربية، فلا بد أن يكون لها معنى مفهوم يعرف، أما إذا كانت حروفاً، يقول: آخذ حرفاً من اسم الله، وحرفاً من الرحمن، وحرفاً من العزيز، وحرفاً من الكريم، وما أشبه ذلك فيجمعها ويقول: أنا أستعيذ بأسماء الله، فهذا لا يجوز؛ لأنه لا بد أن يكون لها معنى معروف، وقد تكون الحروف المركبة أسماء شياطين، فيستعيذ بالشياطين، وهذا شرك.