للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كل أمر شرعه الله ففعله عباده]

قال الشارح رحمه الله: [وضابط هذا: أن كل أمر شرعه الله لعباده وأمرهم به، ففعله لله عبادة، فإذا صرف من تلك العبادة شيئاً لغير الله فهو مشرك].

ويدخل في هذا الأفعال والأقوال جميعها، كل أمرٍ أمر الله جل وعلا به عباده إذا فعله الإنسان فهو يدعو الله جل وعلا دعاء عبادة؛ لأنه يفعله ويطلب به الثواب، ويخاف إذا لم يفعله من عقاب الله، وهذا هو معنى السؤال.

قال الشارح رحمه الله: [فإذا صرف من تلك العبادة شيئاً لغير الله فهو مشرك، مصادم لما بعث الله به رسوله من قوله: {قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي} [الزمر:١٤]، وسيأتي لهذا مزيد بيان إن شاء الله تعالى.

قال شيخ الإسلام رحمه الله في الرسالة السنية: فإذا كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم -ممن انتسب إلى الإسلام- من مرق منه مع عبادته العظيمة، فليعلم أن المنتسب إلى الإسلام والسنة في هذه الأزمان قد يمرق أيضاً من الإسلام؛ لأسباب منها: الغلو في بعض المشايخ، بل الغلو في علي بن أبي طالب رضي الله عنه، بل الغلو في المسيح، فكل من غلا في نبي أو رجل صالح، وجعل فيه نوعاً من الإلهية، مثل أن يقول: يا سيدي فلان! انصرني، أو أغثني، أو ارزقني، أو أنا في حسبك، ونحو هذه الأقوال.

فكل هذا شرك وضلال يستتاب صاحبه، فإن تاب وإلا قتل، فإن الله سبحانه وتعالى إنما أرسل الرسل، وأنزل الكتب، ليعبد وحده لا شريك له، ولا يدعى معه إله آخر، والذين يدعون مع الله آلهة أخرى، مثل: المسيح والملائكة والأصنام لم يكونوا يعتقدون أنها تخلق الخلائق، أو تنزل المطر، أو تنبت النبات، وإنما كانوا يعبدونهم، أو يعبدون قبورهم، أو يعبدون صورهم، ويقولون: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر:٣]، {وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} [يونس:١٨]، فبعث الله سبحانه رسله تنهى عن أن يدعى أحد من دونه، لا دعاء عبادة ولا دعاء استغاثة.

اهـ].