للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه]

أما الشفاعة: فإن الله جلَّ وعلا أخبرنا أن الشفاعة له جميعاً، وليست لأحد من الخلق، ولا أحد يستطيع ويجرأ أن يشفع إلا إذا أذن له، وقال له: اشفع، كما قال الله جلَّ وعلا: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة:٢٥٥] (من ذا الذي؟!) هذا استفهام إنكار، يعني: أنه لا يوجد أحد من الخلق يتقدم طالباً الشفاعة من الله إلَّا إذا أذن له الله جلَّ وعلا وقال له: اشفع، وقد أخبرنا جلَّ وعلا أن الشفاعة لا تكون لمن يطلبها من الخلق، وإنما تكون لمن يطلبها من الله، ومَن يخلص دعوته لله جلَّ وعلا، فالشفاعة لأهل التوحيد، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم لما سئل: (من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ قال صلى الله عليه وسلم: أسعدهم بشفاعتي: مَن قال: (لا إله إلَّا الله) خالصاً من قلبه) فبين أن الشفاعة لأهل الإخلاص، أما الذي يقول: (لا إله إلَّا الله) وهو يدعو غير الله، فإنه لم يخلص، وقد أتى بما يمنع من الشفاعة؛ لأن الشفاعة لأهل التوحيد الخالص، وهذا أمر جلي وواضح، ولكن إذا كثر الجهل، وتتابع الناس على أوضاع توافقوا عليها، أو وجدوا أهل بلادهم أو آباءهم عليها: اعتقدوا أنها دين، واستبعدوا أن يكون الناس قد تتابعوا على شرك وشيء باطل، فيقع هذا في نفوسهم ويتأصل، وإذا قيل لهم أو نوقشوا في هذا، استبعدوا أن يكون المناقِش والقائل هو المهتدي، والناس الكثيرون ضلوا في هذا! فصار الشيطان يصدهم عن اتباع الحق بهذا السبب.