للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شرح حديث (رضا الرب في رضا الوالدين)]

قال الشارح رحمه الله: [وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رضا الرب في رضا الوالدين، وسخطه في سخط الوالدين)، وعن أسيد الساعدي رضي الله عنه قال: (بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل من بني سلمة، فقال: يا رسول الله! هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ فقال: نعم.

الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما) رواه أبو داود وابن ماجة، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة جداً] معنى قوله: (الصلاة عليهما) الدعاء لهما.

فإن الدعاء ينفع، وقول الله جل وعلا: {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم:٣٩] لا ينافي ذلك؛ لأن الولد من سعي الإنسان، وفي صحيح مسلم: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: من صدقة جارية -يعني: الوقف الذي يوقفه الإنسان، فيجعل له وقف -بعده- أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)، أما غير ذلك فينتهي عمله إلا من هذه الثلاث.

فدعوة الولد للوالد من بر الولد بوالديه، يدعو لهما مطلقاً، سواء أكان في صلواته أم في غيرها، وكونه ينفذ عهدهما يعني الوصايا التي أوصى بها والداه ينفذها ولا يتساهل فيها فإن هذا من بره، وهذا معلوم أنه مقيد بالشرع، وكذلك صلة الرحم التي لا توصل إلا بهما يصلها فيكون بمنزلتهما، وهذا من برهما، وكذلك صلة صديقهما إذا كان لهما صديق فيكرمه كما كان الوالد يحب ذلك، فهذا من تمام البر بعد ذهاب الوالدين وموتهما.

وينبغي للإنسان ألا يتساهل بهذا فإن فيه فضلاً وأجراً، وهو من تمام البر.