للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قوله تعالى: (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم) الآيات]

قال الشارح رحمه الله: [وفي بعض النسخ المعتمدة من نسخ هذا الكتاب تقديم هذه الآية على آية الأنعام، ولهذا قدمتها لمناسبة كلام ابن مسعود رضي الله عنه الآتي لآية الأنعام، ليكون ذكره بعدها أنسب.

وقول الله تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام:١٥١ - ١٥٣]].

هذه الآيات الكريمات جمعت فأوعت، جمعت الأمور التي يجب على العبد أن يراعيها وأن يتحلى بها، ولهذا قال ابن مسعود رضي الله عنه: (من أراد أن ينظر إلى وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم التي عليها خاتمة فليقرأ هذه الثلاث الآيات)، وسيأتي شرح كلامه رضي الله عنه، ومعلوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يوص إلى أحد، ولم يوص بشيء غير كتاب الله جل وعلا وسنته صلى الله عليه وسلم، كما قال في حجة الوداع: (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي كتاب الله)، فجعل يوصي بالأخذ بكتاب الله، وكثير من آيات القرآن جاءت بمعنى هذه الآيات، وهي كثيرة جداً، والله جل وعلا يكرر هذه الأمور في القرآن لعظمها ولتأكيدها، كما مر من الآيات التي في سورة النساء، وكذلك التي في سورة البقرة وغيرها وهي بهذا المعنى، وفي هذه الآيات يأمر الله جل وعلا نبيه بأن يقول للناس: (قل تعالوا) أي: هلموا إليَّ وأقبلوا واستمعوا ما أقول لكم.

أي: ليس هو قولاً من عندي ولا من عند فلان، هو قول ووحي من الله اتلوه وأقصه عليكم وأذكركم به وأبلغكم إياه؛ لأنه أمر الله الذي لا يجوز أن يرد ولا يجوز أن يتساهل به.