للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الجهل سبب من أسباب الوقوع في الشرك]

قال الشارح رحمه الله تعالى: [قوله: (حتى إذا هلك أولئك) أي: الذين صوروا تلك الأصنام.

قوله: (ونُسي العلم) ورواية البخاري: (وتنسَّخ).

وللكشمهيني: (ونُسخ العلم) أي: درست آثارُه بذهاب العلماء، وعم الجهل حتى صاروا لا يميزون بين التوحيد والشرك، فوقعوا في الشرك ظناً منهم أنه ينفعهم عند الله.

قوله: (عُبدت) لما قال لهم إبليس: إن من كان قبلكم كانوا يعبدونهم، وبهم يُسقون المطر، هو الذي زين لهم عبادة الأصنام وأمرهم بها، فصار هو معبودهم في الحقيقة كما قال تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ * وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلَّاً كَثِيرَاً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ} [يس:٦٠ - ٦٢]]: الجِبِلُّ هم: الجماعات الكثيرة، فقوله تعالى: {جِبِلَّاً كَثِيرَاً} يعني: جماعات كثيرة أضلها الشيطان، فلماذا لم تعتبروا بذلك؟! ولماذا لم تتبعوا الرسل وتهتدوا بهديهم، وتتفكروا بعقولكم؟! ولماذا لم تستدلوا بآيات الله جلَّ وعلا القائمة المشاهَدة وكذلك المقولة المسموعة؟!

و

الجواب

أنه لا عذر لهم في ذلك.

قال الشارح رحمه الله تعالى: [وهذا يفيد الحذر من الغلو ووسائل الشرك؛ وإن كان القصد بها حسناً، فإن الشيطان أدخل أولئك في الشرك من باب الغلو في الصالحين والإفراط في محبتهم، كما قد وقع مثل ذلك في هذه الأمة: أظهر لهم الغلو والبدع في قالب تعظيم الصالحين ومحبتهم ليوقعهم فيما هو أعظم من ذلك من عبادتهم لهم من دون الله.

وفي رواية: أنهم قالوا: (ما عظّم أوّلنا هؤلاء إلا وهم يرجون شفاعتهم عند الله) أي: يرجون شفاعة أولئك الصالحين الذين صوروا تلك الأصنام على صورهم وسموها بأسمائهم، ومن هنا يُعلم أن اتخاذ شفعاء ورجاء شفاعتهم بطلبها منهم شرك بالله، كما تقدم بيانه في الآيات المحكمات].