للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[علم الكفار باللغة جعلهم يرفضون دعوة الإسلام]

فلما رأى الكفار ذلك خشوا أن يكثر الداخلون في الإسلام، فذهبوا إلى أبي طالب وهو زعيمهم وكبيرهم ولا يجرءون على مخالفته، فقالوا: نتحاكم إليك في ابن أخيك، فأنصفنا منه، فصاروا يتكلمون ويقولون له: إن كان يريد مالاً جمعنا له مالاً حتى يكون أغنى رجل فينا، وإن كان يريد نساءً زوجناه أحسن النساء عندنا، وإن كان يريد وإن كان يريد فلما أكثروا ذلك قال له عمه: هؤلاء قومك يطلبون أن تنصفهم، فقال صلوات الله وسلامه عليه: أريد منهم كلمة واحدة -لا أريد كل هذه الأشياء- فقال أبو جهل: نعطيك مائة كلمة -مائة كلمة! وليست كلمة واحدة- فقال: (أريد أن تقولوا: لا إله إلَّا الله)، عند ذلك نفروا وأبَوا وتكبروا وقالوا: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهَاً وَاحِدَاً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص:٥] وهم قالوا: نعطيك مائة كلمة، فلما قال لهم: (قولوا: لا إله إلَّا الله) أبوا كل الإباء؛ لأنهم يعلمون أن هذه الكلمة تبطل الشرك كله.

ثم لما تمادى الأمر في المسلمين واختلط بالعرب غيرهم من غير العرب فسدت اللغة العربية وصار الإنسان لا يفهم اللغة كالعرب السابقين، فبدأ عدم الفهم للقرآن من هنا، وأول ما بدأ ذلك استنكره العلماء، حتى إن أحد العلماء من السلف سئل عن رجل يقرأ القرآن ولا يفهمه؟ فقال: كيف هذا؟! هذا من البدع التي ما كانت معروفة! والسبب هو: اختلاط العرب مع العجم، وفساد اللسان.