للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قبول البدع مع كون الشرائع والفطر تردها]

[الرابعة: قبول البدع، مع كون الشرائع والفطر تردها].

الشرائع تردها، والنفوس التي بقيت على فطرتها تردها، ولكن الواقع أن الإنسان لا يستطيع أن يدرك الشرع بعقله أو بفطرته، فالشرع هو أمر ونهي من عند الله جل وعلا، فلا بد من تلقيه من الرسل، والفطرة لا تستطيع أن تستقبل أمر الله ونهيه وتعرفه، وإن كانت الفطرة تميل إلى الحق وتقبله وتريده، وتنفر عن الباطل، ولكن لا بد لها من هادٍ ومرشد الذي هو الوحي، وإلا كان المجتمع نفسه يضل الفطرة ويغيرها، كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم: (كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه)، وليس المقصود بالأبوين الأم والأب حقيقة، وإنما المقصود المربي، وقد يكون المربي هو الشارع، وقد يكون المربي وسائل تعليمية، وقد يكون المربي هو المدرسة وغير ذلك، فالمربي هو الذي يغير فطرة الإنسان.

فالمقصود: أن الفطرة لا تستقل بمعرفة الشرع، وأنه لا بد من تلقي الأمر والنهي من الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن هي تنفر عن الباطل إذا لم تألفه، أما إذا ألفته وعايشته فإنها تحبه وتبقى متغيرة، فإذا ذهبت الفطرة جاء بدلها حب الشر وإلفه كما هو نص هذا الحديث: (فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه).