للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله صلى الله عليه وسلم: (فإن الله قد اتخذني خليلاً)

قال الشارح رحمه الله: [قوله: (عن جندب بن عبد الله) أي: ابن سفيان البجلي وينسب إلى جده، صحابي مشهور، مات بعد الستين.

قوله: (إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل) أي: أمتنع عما لا يجوز لي أن أفعله، والخلة فوق المحبة، والخليل هو المحبوب غاية الحب، مشتق من الخَلة ـ بفتح الخاء ـ وهي تخلل المودة في القلب، كما قال الشاعر: قد تخللت مسلك الروح مني وبذا سمي الخليل خليلا هذا هو الصحيح في معناها كما ذكره شيخ الإسلام وابن القيم وابن كثير وغيرهم رحمهم الله تعالى.

قال القرطبي: وإنما كان ذلك؛ لأن قلبه صلى الله عليه وسلم قد امتلأ من محبة الله وتعظيمه ومعرفته فلا يسع خلة غيره.

قوله: (فإن الله قد اتخذني خليلاً) فيه بيان أن الخلة فوق المحبة.

قال ابن القيم رحمه الله: وأما ما يظنه بعض الغالطين من أن المحبة أكمل من الخلة، وأن إبراهيم خليل الله، ومحمداً حبيب الله؛ فمن جهلهم، فإن المحبة عامة، والخلة خاصة، وهي نهاية المحبة.

وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الله قد اتخذه خليلاً، ونفى أن يكون له خليل غير ربه، مع إخباره بحبه لـ عائشة ولأبيها ولـ عمر بن الخطاب ومعاذ بن جبل وغيرهم رضي الله عنهم، وأيضاً جاء أنه يحب التوابين، ويحب المتطهرين، ويحب الصابرين، أما خلته فخاصة بالخليلين.

قوله: (ولو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً) فيه بيان أن الصديق أفضل الصحابة، وفيه: الرد على الرافضة وعلى الجهمية، وهما شر أهل البدع، وأخرجهم بعض السلف من الثنتين والسبعين فرقة، وبسبب الرافضة حدث الشرك وعبادة القبور، وهم أول من بنى عليها المساجد، قاله المصنف رحمه الله، وهو كما قال بلا ريب.

وفيه: إشارة إلى خلافة أبي بكر؛ لأن من كانت محبته لشخص أشد، كان أولى به من غيره، وقد استخلفه على الصلاة بالناس، وغضب صلى الله عليه وسلم لما قيل: يصلي بهم عمر، وذلك في مرضه الذي توفى فيه صلى الله عليه وسلم.

واسم أبي بكر: عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة.

الصديق الأكبر، خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأفضل الصحابة بإجماع من يعتد بقوله من أهل العلم.

مات في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة، وله ثلاث وستون سنة رضي الله عنه].