للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خلاف العلماء في حكم زيارة النساء للقبور]

مسألة زيارة النساء للقبور فيها نصوص منها ما هو مظنة الجواز أو المنع، والراجح المنع مطلقاً، سواء كانت القبور مجموعة أو قبراً واحداً، لا فرق بين المجموع وبين المفرد، فيدخل كل ذلك في نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالمنع يكون مطلقاً، واللعن معناه الطرد والإبعاد من الرحمة، والرسول صلى الله عليه وسلم يلعن على الأفعال التي تكون من الكبائر أو تنافي الواجبات التي شرعها الله جل وعلا، والذي يلعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم -سواء قدر أن اللعن دعاء أو أنه خبر- يكون قد فعل فعلاً استحق عليه ذلك اللعن، أما إذا كان في شيء لا يستحق عليه اللعن فقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه اشترط على ربه أن كل من لعنه وهو لا يستحق اللعنة أن يجعلها الله جل وعلا عليه صلاة ورحمة.

ثم هذه الأحاديث جاء ما فيه شبه معارضة لها، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها)، قيل: (فزوروها) عموم يدخل فيه الرجال والنساء، وبهذا احتج من قال: إن زيارة النساء للقبور جائزة، قال: فقوله: (زوروها) عام، والرسول صلى الله عليه وسلم إذا خاطب الأمة بحكم من الأحكام يكون خطابه شاملاً للذكور والإناث إلا أن يأتي مخصص، ونقول: جاء دليل أخرجه من هذا العموم، مع أن الخلاف موجود بين العلماء فيما إذا جاء الخطاب من الرسول صلى الله عليه وسلم للذكور هل يدخل في ذلك النساء؟ على قولين للعلماء: منهم من قال: لا تدخل فيه النساء، ومنهم من قال: يدخلن، أما في هذه المسألة بعينها فإنه جاء فيها تخصيص يخرج هذا الادعاء، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (لعن الله زورات القبور، والمتخذين عليها السرج)، فاللعن يكون على شيء محرم ليس على فعل شيء مكروه تركه أولى من فعله، بل يكون على شيء محرم فعله محرم، وبهذا يتبين أن الصواب أن تمنع النساء من زيارة القبور.