للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فضل علي بن الحسين]

قال الشارح رحمه الله تعالى: [قوله: علي بن الحسين أي: ابن علي بن أبي طالب رضي الله عنه المعروف بـ زين العابدين رضي الله عنه، أفضل التابعين من أهل بيته وأعلمهم، قال الزهري: ما رأيت قرشياً أفضل منه، مات سنة ثلاث وتسعين على الصحيح، وأبوه الحسين سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته، حفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم واستشهد يوم عاشوراء سنة إحدى وستين وله ست وخمسون سنة رضي الله عنه].

حفظ أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنها ليست كثيرة، وعلى كل حال هو ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه ابن بنته، وكان يحبه هو وأخوه الحسن، ويجب محبتهما لقرابتهما ولصحبتهما ولتقواهما لله جل وعلا، وأما ما حدث له من الاستشهاد فهذا حدث من قوم فجرة، ولا يجوز أن ينسب هذا إلى أمة محمد صلى الله عليه وسلم كما يقوله أهل البدع، ويضيفون قتله إلى الأمة عموماً، فإن الأمة مجمعة على أن من فعل ذلك فقد استحق من الله جل وعلا العذاب والنكال، ولكن ليس استشهاده رضي الله عنه وقتله ظلماً بأكثر من قتل أبيه رضي الله عنه، فإن أباه أيضاً أفضل منه وقد قتل أيضاً ظلماً، وهو أحد الخلفاء الراشدين، فلا يجوز أن يتخذ مقتله مأتماً ومناحاً ومثاراً للفتن وبثاً للبدع.

الإنسان إذا أصيب بمصيبة يجب أن يصبر ويحتسب ويسترجع، أما أن يتخذ هذا وسيلة لنشر البدع وإثارة الفتن فهذا من أكبر المفسدات التي ينهى عنها الإسلام، وقبل ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه قتل ظلماً، وقتل وهو قائم يصلي، ولا يجوز أن نتخذ هذا المقتل أيضاً مناحاً ومأتماً، وكذلك الخليفة بعده عثمان رضي الله عنه قتل في بيته ظلماً، حصر ثم قتل ظلماً، وهو صابر محتسب، وأبى أن يقاتل عن نفسه حتى لا يكون سبباً في سفك دماء هذه الأمة، فهذه كلها من العظائم الكبيرة، ومع ذلك لا يجوز أن نتخذ هذه الأشياء مآتم ومناحات ومسارات بالنعرات الخبيثة التي تعزز الفساد والفتن، وإنما يتخذ ذلك أصحاب الأهواء الذين لهم مقاصد فاسدة.