للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أقوال السلف في تفسير الجبت والطاغوت]

قال الشارح: [وفي مسند أحمد عن ابن عباس نحوه.

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: الجبت السحر، والطاغوت الشيطان، وكذلك قال ابن عباس وأبو العالية ومجاهد والحسن وغيرهم.

وعن ابن عباس وعكرمة وأبي مالك: الجبت: الشيطان.

زاد ابن عباس: بالحبشية].

يقولون: الباء مع الجيم لا تجتمع في كلمة عربية، إلا أن يكون فيها حرف من الحروف الذلقية، فإذا كان حرف منها في كلمة من هذه الكلمات وإلا تكون الكلمة غير عربية، والجبت ليست من هذه، فلهذا قال: إنها بالحبشية، وكذلك يقول الأزهري في الصحاح: إن هذه الكلمة أصلها غير عربي، ولكن الصواب أن العرب إذا تكلموا بكلمة، وعرف معناها، وصار الخطاب بها معروفاً؛ فهي عربية وإن كان أصلها غير عربي.

قال الشارح: [وعن ابن عباس أيضاً: الجبت: الشرك، وعنه: الجبت: الأصنام، وعنه: الجبت: حيي بن أخطب، وعن الشعبي: الجبت: الكاهن، وعن مجاهد: الجبت: كعب بن الأشرف، قال الجوهري: الجبت: كلمة تقع على الصنم والكاهن والساحر ونحو ذلك.

قال المصنف رحمه الله تعالى: وفيه معرفة الإيمان بالجبت والطاغوت في هذا الموضع، هل هو اعتقاد قلب أو هو موافقة أصحابها مع بغضها ومعرفة بطلانها؟].

يعني: أن كعب بن الأشرف وحيي بن أخطب وافقوهما باللسان فقط مع اعتقاد قلوبهم أن المشركين على باطل، وأنهم يظهرون ذلك وهم يكرهونه؛ ولهذا كانوا إذا انتصر عليهم عباد الأوثان يقولون: سيبعث نبي نتبعه ونقتلكم معه، فكانوا يستغربون كيف أن عباد الأوثان ينتصرون عليهم وهم لا يعبدون الأوثان؟! ولكنهم كفروا عن عناد وعلم فصار كفرهم أشد من كفر الجاهل، فكفر العالم أشد من كفر الجاهل نسأل الله العافية.

إذاً: الإيمان الذي أطلق عليهم هو الموافقة في الظاهر وليس في الباطن، وهذا أمر مخيف جداً، أن الإنسان إذا وافق أهل الباطل في الظاهر وإن كان يكره ما هم عليه يكون حكمه حكمهم؛ لأن الله جل وعلا كلف عبده أن يقول الحق ويعمل به، ولا يبالي بالناس مهما كانت الظروف، وخصوصاً إذا كانت المسألة مسألة إيمان وكفر، إما إذا كانت من الأمور الأخرى التي تكون مجرد معصية فالأمر أسهل من ذلك.