للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[معنى قوله: (إن الله زوى لي الأرض)]

قال الشارح رحمه الله: [ولـ مسلم إلخ.

هذا الحديث رواه أبو داود في سننه، وابن ماجه بالزيادة التي ذكرها المصنف.

قوله: عن ثوبان هو مولى النبي صلى الله عليه وسلم، صحبه ولازمه، ونزل بعده الشام، ومات بحمص سنة أربع وخمسين.

قوله: (زوى لي الأرض) قال التوربشتي: زويت الشيء جمعته وقبضته، يريد تقريب البعيد منها حتى اطلع عليه اطلاعه على القريب، وحاصله أنه طوى له الأرض، وجعلها مجموعة كهيئة كف في مرآة ينظره، قال الطيبي: أي: جمعها حتى بصرت ما تملكه أمتي من أقصى المشارق والمغارب منها.

قوله: (وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها) قال القرطبي: هذا الخبر وجد مخبره كما قال، وكان ذلك من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم، وذلك أن ملك أمته اتسع إلى أن بلغ أقصى طنجة ـ بالنون والجيم ـ الذي هو منتهى عمارة المغرب، إلى أقصى المشرق مما هو وراء خراسان والنهر، وكثير من بلاد السند والهند والصغد، ولم يتسع ذلك الاتساع من جهة الجنوب والشمال، وذلك لم يذكر عليه السلام أنه أريه، ولا أخبر أن ملك أمته يبلغه.

قوله: (زوي لي منها) يحتمل أن يكون مبيناً للفاعل، وأن يكون مبنياً للمفعول.

قوله: (وأعطيت الكنزين: الأحمر والأبيض) قال القرطبي: عنى به كنز كسرى وهو ملك الفرس، وكنز قيصر وهو ملك الروم، وقصورهما وبلادهما، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده! لتنفقن كنوزهما في سبيل الله)، وعبر بالأحمر عن كنز قيصر؛ لأن الغالب عندهم كان الذهب، وبالأبيض عن كنز كسرى؛ لأن الغالب عندهم كان الجوهر والفضة، ووجد ذلك في خلافة عمر، فإنه سيق إليه تاج كسرى وحليته، وما كان في بيوت أمواله وجميع ما حوته مملكته على سعتها وعظمتها، وكذلك فعل الله بقيصر، والأبيض والأحمر منصوبان على البدل].