للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عدم هلاك هذه الأمة بسنة بعامة]

قال الشارح رحمه الله: [قوله: (وإني سألت ربي لأمتي ألا يهلكها بسنة بعامة) هكذا ثبت في أصل المصنف رحمه الله (بعامة) بالباء، وهي رواية صحيحة في صحيح مسلم، وفي بعضها بحذفها، قال القرطبي: وكأنها زائدة؛ لأن عامة صفة السنة، والسنة الجدب الذي يكون به الهلاك العام، ويسمى الجدب والقحط: سنة، ويجمع على سنين كما قال تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ} [الأعراف:١٣٠] أي: الجدب المتوالي.

قوله: (من سوى أنفسهم) أي: من غيرهم من الكفار من إهلاك بعضهم بعضاً، وسبي بعضهم بعضاً كما هو مبسوط في التاريخ فيما قبل، وفي زماننا هذا نسأل الله العفو والعافية.

قوله: (فيستبيح بيضتهم) قال الجوهري: بيضة كل شيء حوزته، وبيضة القوم ساحتهم، وعلى هذا فيكون معنى الحديث: إن الله تعالى لا يسلط العدو على كافة المسلمين حتى يستبيح جميع ما حازوه من البلاد والأرض، ولو اجتمع عليهم من بأقطار الأرض وهي جوانبها، وقيل: بيضتهم معظمهم وجماعتهم وإن قلوا.

قال المصنف رحمه الله في شرح حديث ثوبان: قوله: (حتى يكون بعضهم يهلك بعضاً، ويسبي بعضهم بعضاً)، والظاهر أن حتى عاطفة أو تكون لانتهاء الغاية، أي: أن أمر الأمة ينتهي إلى أن يكون بعضهم يهلك بعضاً، وقد سلط بعضهم على بعض كما هو الواقع، وذلك لكثرة اختلافهم وتفرقهم.

قوله: (وإن ربي قال: يا محمد! إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد) قال بعضهم: أي: إذا حكمت حكماً مبرماً نافذاً فإنه لا يرد بشيء، ولا يقدر أحد على رده كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ولا راد لما قضيت)].