للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عدم جواز إبقاء مواضع الشرك]

قال الشارح: [قال العلامة ابن القيم رحمه الله في قصة هدم اللات لما أسلمت ثقيف: فيه أنه لا يجوز إبقاء مواضع الشرك والطواغيت بعد القدرة على هدمها وإبطالها يوماً واحداً، وكذا حكم المشاهد التي بنيت على القبور، والتي اتخذت أوثاناً تعبد من دون الله، والأحجار التي تقصد للتبرك والنذر لا يجوز إبقاء شيء منها على وجه الأرض مع القدرة على إزالتها، وكثير منها بمنزلة اللات والعزى ومناة، أو أعظم شركاً عندها وبها، فاتبع هؤلاء سنن من كان قبلهم، وسلكوا سبيلهم حذو القذة بالقذة، وغلب الشرك على أكثر النفوس؛ لظهور الجهل، وخفاء العلم، وصار المعروف منكراً، والمنكر معروفاً، والسنة بدعة، والبدعة سنة، وطمست الأعلام، واشتدت غربة الإسلام، وقل العلماء، وغلب السفهاء، وتفاقم الأمر، واشتد البأس، وظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس، ولكن لا تزال طائفة من العصابة المحمدية بالحق قائمين، ولأهل الشرك والبدع مجاهدين، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين.

انتهى ملخصاً.

قال: قلت: فإذا كان هذا في القرن السابع وقبله فما بعده أعظم فساداً كما هو الواقع].

ذكر بعض المؤرخين من اليمن في القرن الثاني عشر عن اثنين من أهل اليمن أنهما جاءا إلى مكة لطلب العلم، وكان أحدهما أفقه من الآخر، فلما أقبلا على الطائف قال أحدهما لزميله: أهل الطائف لا يعرفون الله، وإنما يعرفون ابن عباس، فقال له زميله: معرفتهم بـ ابن عباس تكفي عن معرفة الله، فـ ابن عباس يعرفهم بالله جل وعلا، ثم ذكر هذا المؤرخ أن القبة التي كانت على قبر ابن عباس هي موضع اللات، ويقول: إنها أعيدت كما كانت في الجاهلية، ثم بعد ذلك أزيلت والحمد لله.

[وقوله: (وإنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون كلهم يزعم أنه نبي) قال القرطبي: وقد جاء عددهم معيناً في حديث حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يكون في أمتي كذابون دجالون سبع وعشرون منهم أربع نسوة) أخرجه أبو نعيم وقال: هذا حديث غريب.

انتهى وحديث ثوبان أصح من هذا].

حديث ثوبان فيه أنهم ثلاثون، وليس فيه أنهم سبع وعشرون، وفيهم أربع نسوة.

[قال القاضي عياض: عد من تنبأ من زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الآن ممن اشتهر بذلك، وعرف، واتبعه جماعة على ضلاله؛ فوجد هذا العدد فيهم، ومن طالع كتب الأخبار والتواريخ عرف صحة هذا].

لكن هم كثير في الواقع، ولكن ليس المقصود كل من ادعى النبوة؛ لأن بعض من ادعى النبوة قد يكون عن مرض، وقد يكون عن سخافة عقل، وإنما المقصود الذي يدعي النبوة، ويكون له شبه، ويكون له أتباع، ويكون له قوة، هؤلاء هم الذين قصدوا بالحديث.