للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حقيقة معنى الإيمان بالجبت والطاغوت]

[المسألة الرابعة وهي أهمها: ما معنى الإيمان بالجبت والطاغوت في هذا الموضع؟ وهل هو اعتقاد قلب أو هو موافقة أصحابها مع بغضها ومعرفة بطلانها؟].

يقصد أنه هو الأخير؛ لأن الدليل على هذا أن أهل الكتاب كـ حيي بن أخطب وكعب بن الأشرف يعرفون أن الشرك من أعظم الذنوب، ويعيبون على المشركين؛ لأنهم أهل علم وكتاب، ولكن حملهم الحسد وبغض الرسول صلى الله عليه وسلم على أن يوافقوا المشركين في الظاهر فقط، لما قالوا لهم: أينا خير وأفضل أنحن أم محمد؟ قالوا لهم: ما هي الأوصاف التي تتصفون بها أنتم وهو؟ قالوا: نحن ننحر الإبل، ونفك العاني، ونسقي اللبن على الماء، ونقوم بخدمة الحجيج، ومحمد قطع أرحامنا، وجاء بما لا نعرف، فقالوا: أنتم خير وأهدى سبيلاً.

وكل من يعلم أخبار الناس وعلم التاريخ وما هم عليه يعرف يقيناً أن كلامهم هذا كذب وباطل، وأنهم لا يعتقدونه، وأنهم قالوا ذلك مجرد موافقة، وحملهم على ذلك بغض الرسول صلى الله عليه وسلم وحسدهم له فقط؛ ولهذا آمنوا بالجبت والطاغوت، وهل هو مجرد الموافقة أو إيمان قلوبهم؟ قد عرف أنه ليس إيمان قلوبهم وإنما هو مجرد موافقتهم على ذلك، بغضاً للحق وكراهيةً له.

فإذا وجد هذا من إنسان يوافق أهل الباطل لأنه يبغض الحق ويكره أصحابه فإنه يكون له هذا الحكم.